كتاب جزء من شرح تنقيح الفصول في علم الأصول - رسالة ماجستير (اسم الجزء: 2)

وأما كون الأذان لا يكون إلا في واجب فظاهر، فإذا بَلَغَنا أنه صلى الله عليه وسلم أمر بالأذان لصلاةٍ، قلنا: تلك الصلاة واجبة لوجود خصوصية (¬1)
الوجوب.
وإذا بَلَغَنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نذر صلاة أو غيرها من المندوبات وفعلها قضينا على ذلك الفعل بالوجوب، لأن فعل المنذور واجب.
فهذه وجوهٌ من الاستدلال (¬2) على حكم أفعاله صلى الله عليه وسلم إذا وقعت.
تعارض فعله صلى الله عليه وسلم مع قوله، وتعارض الفعلين
ص: تفريع (¬3) :
إذا وَجَب الاتباع، وعارض [فِعْلُه صلى الله عليه وسلم قَوْله] (¬4) : فإن تَقَدَّم القولُ وتَأَخَّر الفعلُ نسخ (¬5) الفعلُ القولَ، كان القولُ خاصاً (¬6) به أو بأمته أو عمهما، وإن (¬7)
¬_________
(¬1) في ق، ن: ((خَصِيْصَة)) . لم أجدها فيما اطلعت عليه من المعاجم حاشا " المعجم الوسيط ". ففيه
((
الخَصِيصة: هي الصفة التي تميز الشيء وتحدده)) .
(¬2) في ن: ((الاستلالات)) ، وفي ق: ((الاستدلات)) وهو تحريف.
(¬3) فرَّع المصنف مسألة تعارض الأفعال على القول بوجوب التأسي به صلى الله عليه وسلم، لكنه اختصر عرض هذه الصور واقتصر على بعضها دون بعض.

قال حلولو: ((التعارض بين الشيئين هو تقابلهما على وجهٍ يمنع كلُّ واحدٍ منهما مقتضى الآخر أو بعض مقتضاه. وهو إما بين القولين، ومحله الترجيح، وإما بين الفعلين أو بين القول والفعل)) . التوضيح ص247. ثم حصر صور التعارض في (36) صورة. أما الحافظ العلائي في كتابه: تفصيل الإجمال في تعارض الأقوال والأفعال ص (121-123) فحصرها في (60) صورة بطريق التقسيم العقلي وقال: ((وأكثرها لا يقع له مثالٌ في السنة، ولهذا لم يعتمد هذا التقسيم أحدٌ في مصنفه مجموعاً هكذا، بل يذكر كلٌ واحدٍ شيئاً - ثم قال - وإنما تُذكر للتمرين وبيان الأحكام)) وأما ابن النجار الفتوحي في كتابه: شرح الكوكب المنير (2 / 200) فحصرها في (72) صورة. وأكثر ما وقفت عليه من حصر هذه الصور ما ذكره الدكتور / محمد الأشقر في كتابه النفيس: أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم 2/206 حيث حصرها في (144) صورة وقال: ((إلاَّ أن بعضها لا يُعقل، وبعضها لا فائدة في تفصيله، وبعضها لا يُعرف له أمثلة في السنة)) . ثم اختصرها في (18) صورة ذات أهمية وأثر.
(¬4) ما بين المعقوفين في ق هكذا: ((قوله صلى الله عليه وسلم فعله)) بتقديم وتأخير.
(¬5) سيأتي مبحث " النسخ " في الباب التالي لهذا الباب. انظر تعريفه ص 42.
(¬6) الخَاصُّ لغة: المُنْفَرِد وهو ضِدّ العام. انظر مادة " خصص " في: لسان العرب. واصطلاحاً: هو لفظ وضع لمعنى واحدٍ على سبيل الانفراد. انظر: كشف الأسرار للبخاري 1/88.
(¬7) في ن: ((وإذا)) وهي أداة شرط للمحقَّق، بينما ((إنْ)) أداة شرط للمُمْكن، وتأتي ((إنْ)) في موضع ((إذا)) وكلاهما سائغ هنا. انظر: مادة " أنن " في لسان العرب، ومادة " إنما " في: المصباح المنير.

الصفحة 16