كتاب جزء من شرح تنقيح الفصول في علم الأصول - رسالة ماجستير (اسم الجزء: 2)

وقولي: ((مع تراخيه عنه)) (¬1) لأنه لو قال: افعلوا، لا تفعلوا لتهافت الخطاب، وأسقط الثاني الأول، وكذلك لو قال عند الأول: هو منسوخ عنكم بعد سنة، كان هذا الوجوب (¬2) مُغَيّاً بتلك الغاية من السنة (¬3) ، فلا يتحقق النسخ، بل ينتهي بوصوله لغايته، وحينئذٍ يتعيَّن أن يكون الناسخ مسكوتاً عنه في ابتداء الحكم.
وقولي: ((على وَجْهٍ لولاه لكان ثابتاً)) ، احتراز (¬4) مما جُعِل له غايةٌ أولَ الأمر، فإنه لا يكون ثابتاً إذا وصل إلى تلك الغاية، فلا يقبل النسخ إلا إذا كان قابلاً للثبوت ظاهراً.
هل النسخ رَفْعٌ وإزالة أو بيان انتهاء المُدَّة؟ ت
ص: (¬5)
وقال القاضي منا (¬6) والغزالي (¬7) : الحكم المتأخر
¬_________
(¬1) ذكرت بعض كتب الأصول بأن هذا القيد لا داعي له، وكذلك القيد الآتي في قوله: ((على وجه لولاه لكان ثابتاً)) لأن ارتفاع الحكم يَدْرأ نقض الحدِّ بالمخصِّصات، فإنها دافعة لا رافعة. انظر: الإحكام للآمدي 3 / 106، نهاية الوصول في دراية الأصول لصفي الدين الهندي 6 / 2220، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2 / 187.
(¬2) في ن: ((الجواب)) وهو تحريف.
(¬3) في ق: ((سنة)) .
(¬4) في ن، ق: ((احترازاً)) وهو متجهٌ؛ لأن انتصابه حينئذٍ إما على المصدرية وعامله تقديره ((أحترز)) أو منصوب على المفعولية لأجله وتقدير عامله ((قلت)) . والمثبت أولى لعدم احتياجه إلى التقدير، ويكون خبراً للمبتدأ ((قولي)) . والله أعلم.
(¬5) هذه المسألة هي: هل النسخ رفعٌ وإزالة أو بيان انتهاء المدَّة؟ . ومعنى " الرَّفْع " - كما في المحصول
(3 / 287) - أن خطاب الله تعلَّق بالفعل بحيث لولا طَرَيَان الناسخ لبقي، إلا أنه زال لطريان الناسخ. ومعنى " البيان " - كما في المحصول (3 / 287) - أن الخطاب الأول انتهى بذاته في ذلك الوقت ثم حصل بعده حكم آخر.

وتحرير محل النزاع: ذكره المصنِّف في كتابه: نفائس الأصول (6 / 2408) وهو أن كلا الفريقين متَّفِقٌ على أن الخطاب اقتضى الدوام باعتقادنا، وإنما الخلاف في نفس الأمر. ففريقٌ يقول: باقتضاء الدوام في نفس الأمر، والنسخ يرفع ويزيل الحكم المتقدم الدائم. والفريق الآخر يقول: لا دوام في نفس الأمر بل جُعل للحكم الأول غايةٌ والناسخ يبينها، فالنسخ بيان انتهاء مدة الحكم. وانظر: الكاشف عن المحصول 5 / 221.
وهل هذا الخلاف بينهما لفظي أو معنوي؟ فيه خلاف، انظر: نفائس الأصول 6 / 2418، شرح العضد لمختصر ابن الحاجب 2 / 187، مسلم الثبوت مع شرحه فواتح الرحموت 2 / 66.
(¬6) انظر: المحصول لابن العربي ص 580، مفتاح الوصول للشريف التلمساني ص 594، البحر المحيط للزركشي 5 / 198.
(¬7) انظر: المستصفى 1 / 207. وممن ذهب إلى أن النسخ رفع وإزالة للحكم الأول: الباجي والأبياري وابن الحاجب من المالكية، والصيرفي وابن قدامة وابن تيمية وابن السبكي وابن الهمام وغيرهم. انظر: إحكام الفصول ص 389، روضة الناظر 1 / 283، منتهى السول والأمل ص 154، مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 13 / 274، جمع الجوامع مع شرح المحلِّي بحاشية البنَّاني 2 / 75، البحر المحيط للزركشي 5 / 198، تيسير التحرير 3 / 178.

الصفحة 45