كتاب جزء من شرح تنقيح الفصول في علم الأصول - رسالة ماجستير (اسم الجزء: 2)
الشرح
أما وقوع النسخ فلأنَّ الله تعالى أوجب وقوف الواحد مِنَّا للعشرة من الكفار
في الجهاد (¬1) ، ثم نَسَخَهُ بقوله تعالى: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} (¬2) وصار الحكم أن يقف (¬3) الواحد منا (¬4) للاثنين بقوله تعالى: {فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ} (¬5) .
ونَسَخَ تعالى آياتِ (¬6) المُوَاْدَعَةِ (¬7) ،
ويقال:
¬_________
(¬1) في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ} [الأنفال: 65] .
(¬2) الأنفال، من الآية: 66.
(¬3) في ن: ((يوقف)) والمثبت أنسب.
(¬4) ساقطة من ن، ق.
(¬5) الأنفال، من الآية: 66. وقد اختلف العلماء في وقوع النسخ في آية المصابرة، فالجمهور أنها منسوخة، وقد حكى ابن عطية الإجماع على ذلك. وقال آخرون: لم يقع فيها نسخ بل من باب التخفيف. والصحيح رأي الجمهور؛ لأنه رَفْع حُكْمٍ استقرَّ - وهو وجوب مصابرة الواحدة للعشرة - بحكم وجوب المصابرة للاثنين، وهذا هو النسخ بعينه. انظر أدلة الفريقين ومناقشتها في كتاب: الآيات المنسوخة في القرآن الكريم د. عبد الله الشنقيطي ص 99. وانظر أيضاً: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 2 / 383، 8/ 9، الناسخ والمنسوخ للنحاس 2 / 783، نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 349.
(¬6) في ن، س: ((آية)) . والمثبت هو الصحيح؛ لأنها آيات وليست آية.
(¬7) في س، ن: ((المواعدة)) وهو تحريف.
* والمُوَادَعةُ والتَّوادُع: شِبْه المُصَالحة والتَّصَالُح، يقال: وادعَ [بني] فلان أي: صَالَحهم وسَالَمهم على ترك الحرب والأذى. وحقيقة الموادعة: المتاركة، أي: يَدَعُ كلُّ واحدٍ منهما ما هو فيه. انظر: لسان العرب مادة " ودع ".
وذكر الرصَّاع: بأن المُهادنة والصُّلْح والاسْتِيْمان والمُعَاهدة ألفاظٌ مترادفة، وعرَّف ابنُ عرفة " المهادنة " بأنها: عقدُ المُسْلم مع الحَرْبيّ على المسالمة مدةً ليس هو فيها تحت حكم الإسلام. انظر: شرح حدود ابن عرفة للرصَّاع 1 / 226. ومن أمثلة آيات الموادعة قوله تعالى: {الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة:109] ، وقوله تعالى: {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ ش [النساء: 63] ، وقوله تعالى: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} [الأنفال: 61] ، وقوله تعالى: {وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلاً} [المزمل: 10] ، وغيرها. انظر: الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكِّيّ بن أبي طالب القَيْسِي ص 103.