كتاب جزء من شرح تنقيح الفصول في علم الأصول - رسالة ماجستير (اسم الجزء: 2)

ولم يكن التوجه لبيت (¬1) المَقْدِس ثابتاً بالكتاب (¬2) عملاً بالاستقراء (¬3) .
الشرح
في كون التوجه لبيت المقدس ليس من القرآن، فيه نظر، من جهة أن القاعدة أن كل بيان لمُجْملٍ يُعدُّ مراداً [من ذلك] (¬4) المجمل وكائناً فيه (¬5) . والله تعالى قال: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} (¬6) ولم يبين صفتها، فبينها عليه الصلاة والسلام بفعله لبيت (¬7) المقدس [فكان ذلك مراداً بالآية، كما أنَّا نقول في قوله عليه الصلاة والسلام: ((فيما سَقَت السماءُ العُشْر)) (¬8) بيان لقوله تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} (¬9) وهو مراد منها،
¬_________
(¬1) ساقطة من س.
(¬2) اختلف العلماء في قبلة بيت المقدس المنسوخة، هل كانت ثابتة بالكتاب أو بالسنة؟
أ - أكثر العلماء على أن التوجه لبيت المقدس ليس في القرآن ذكره. قال القاضي عياض: ((الذي ذهب إليه أكثر العلماء أنه كان بسنةٍ لا بقرآن)) انظر: شرح صحيح مسلم للنووي 5 / 9، وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 2 / 151، مذكرة أصول الفقه للشنقيطي ص 149.
ب - رُوي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان عن أمر الله، لقوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا ... }
[البقرة: 143] ، قال ابن العربي: ((فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس بأمرٍ منه، لأن هذا مما لا يدرك بالاجتهاد ... )) الناسخ والمنسوخ له 2 / 46.
ثمرة الخلاف: إن كان التوجه بأمر الله فهو نسخ قرآن بقرآن، وإن كان باجتهاده وفعله صلى الله عليه وسلم فهو نسخ سنة بقرآن. انظر: الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار للحازمي ص 191، نواسخ القرآن لابن الجوزي ص 146، الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي القيسي ص 109 - 112.
(¬3) الاستقراء في اللغة: من القَرْو، واسْتَقْرَيْتَ البلادَ: تَتَبَّعْتَها، تخرج من أرضٍ إلى أرضٍ. انظر لسان

العرب مادة " قرأ ". واصطلاحاً: هو تتبُّع الجزئيات كلِّها أو بعضها للوصول إلى حكمٍ عامٍ يشملها
جميعاً. انظر: الكليات للكفوي ص 105، حاشية العطار على شرح الخبيصي ص 249، وانظر تعريف المصنف له: ص 502.
(¬4) في ص: ((بذلك)) ، وفي س: ((لذلك)) .
(¬5) سبق أن ذكر هذه القاعدة المصنف.
(¬6) البقرة، من الآية: 43.
(¬7) في ز: ((إلى البيت)) .
(¬8) رواه البخاري (1483) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ولفظه: ((فيما سقت السماء والعيون أو كان عَثَريّاً العُشْر، وما سُقي بالنَّضْج نصف العشر)) .
(¬9) البقرة، من الآية: 43.

الصفحة 88