كتاب مصنف عبد الرزاق - ط التأصيل الثانية (اسم الجزء: 3)

كَسَفَتِ * الشَمْسُ (¬١) عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَامَ بِالنَّاسِ قِيَامًا شَدِيدًا، يَقُومُ بِالنَّاسِ ثُمَّ يَرْكَعُ، وَيَقُومُ ثُمَّ يَرْكَعُ، وَيَقُومُ ثُمَّ يَرْكَعُ فَصَلَّى (¬٢)، رَكْعَتَيْنِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ، يَرْكَعُ الثَّالِثَةَ ثُمَّ يَسْجُدُ، فَلَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، حَتَّى إِنَّ رِجَالًا (¬٣) يَوْمَئِذٍ لَيُغْشَى (¬٤) عَلَيْهِمْ، حَتَّى إِنَّ سِجَالَ الْمَاءَ تُصَبُّ عَلَيْهِمْ مِمَّا قَامَ بِهِمْ، وَيَقُولُ إِذَا رَكَعَ: "اللَّهُ أكبَرُ"، وإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ (¬٥): "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ"، ثُمَّ قَامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ يُخَوِّفُكُمْ بِهِمَا، فَإِذَا كسِفَا (¬٦)، فَافْزَعُوا إِلَى ذِكرِ اللَّهِ حَتَّى يَنْجَلِيَ".
وَزِيدَ عَلَى عَطَاءٍ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ: "وَلَكِنَّهُ رُبمَا مَاتَ الْخِيَارُ بِأَطْرَافٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَأَذَاعَتْ بِذَلِكَ الْجِنُّ، فَكَانَ لِذَلِكَ الْقَتَرُ".
قَالَ: فَأَخْبَرَنِي غَيْرُ (¬٧) عُبَيْدٍ: يَقُولُ: قَالَ: عُرِضَتِ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ يَوْمَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَأُخِّرَ عَنْ مُصَلَّاهُ، وَرَاءَهُ حَتَّى أَنَّ النّاسَ لَيَرْكَبُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَيَقُولُ: "أَي رَبِّ وَأَنَا، أَيْ رَبِّ وَأَنَا"، ثُمَّ عَادَ يَسِيرُ حَتَّى رَجَعَ فِي مُصَلَّاهُ، فَرَأَى إِذْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ النَّارُ أَبَا خُزَاعَةَ (¬٨) عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ فِي النَّارِ يَجُرُّ قُصْبَهُ،
---------------
* [ن/١٦ أ].
(¬١) الخسوف والكسوف: ذهاب نور الشمس والقمر وإظلامهما، والمعروف في اللغة الكسوف للشمس والخسوف للقمر، ويجوز غير ذلك. (انظر: النهاية، مادة: كسف).
(¬٢) ليس في الأصل، ومكانه في (ن): "ثم يقوم فيركع"، والمثبت من "الدعاء" هو الأليق بالسياق.
(¬٣) في الأصل، (ن): "رجلا"، وهو خطأ، والمثبت من "الدعاء".
(¬٤) الغشيان: الإغماء. (انظر: النهاية، مادة: غشا).
(¬٥) ليس في الأصل، والمثبت من (ن)، وهو الموافق لما في "الدعاء".
(¬٦) في (الأصل): "كسفهما"، والمثبت من (ن)، وفي "الدعاء": "خسفا" بالخاء العجمة.
(¬٧) في الأصل، (ن): "غيره" بزيادة هاء، والصواب المثبت.
(¬٨) في (ن): "جزاعة" بالجيم وهو تصحيف.

الصفحة 375