كتاب مصنف عبد الرزاق - ط التأصيل الثانية (اسم الجزء: 3)

عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: بَيْنَا فَتًى مِنَ الْأَنْصارِ قَدَّمَ (¬١) عَلَفَ نَاضحِهِ، وَأَقَامَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ صَلَاةَ الْعِشَاءَ، فَتَرَكَ الْفَتَى عَلَفَهُ، فَقَامَ فَتَوَضَّأَ، وَحَضَرَ الصَّلَاةَ، وَافْتَتَحَ مُعَاذٌ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَصَلَّى الْفَتَى وَتَرَكَ مُعَاذًا، وَانْصَرَفَ إِلَى نَاضحِهِ فَعَلَفَهُ، أَوْ فَعَلَفَهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ مُعَاذٌ جَاءَ الْفَتَى، فَسَبَّهُ وَنَقَّصَهُ (¬٢)، ثُمَّ قَالَ: لَآتِيَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأُخْبِرُهُ خَبَرَكَ، فَقَالَ الْفَتَى: أَنَا وَاللَّهِ لَآتِيَنَّهُ، فَلأُخْبِرَنَّهُ خَبَرَكَ (¬٣)، فَأَصْبَحَا فَاجْتَمَعَا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَ لَهُ مُعَاذٌ شَأْنَهُ، فَقَالَ الْفَتَى: إِنَّا أَهْلُ عَمَلٍ وَشُغْلٍ، فَطَوَّلَ عَلَيْنَا، اسْتَفْتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَا مُعَاذُ، أَتُرِيدُ أَنْ تَكُونَ فَتَّانًا؟ إِذَا أَمَمْتَ النَّاسَ فَاقْرَأْ بِـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} {وَالضُّحَى}.
° [٣٨٥١] وبهذا النَّحْوِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ: فَدَعَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْفَتَى فَقَالَ: "يَا مُعَاذُ، ادْعُ، فَدَعَا"، فَقَالَ لِلْفَتَى: "ادْعُ"، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَدْرِي مَا طَمْطَمَتُكُمَا هَذِهِ، غَيْرَ أَنِّي وَاللَّهِ لَئِنْ لَقِيتُ الْعَدُوَّ لأَصْدُقَنَّ اللَّهَ، فَلَقِيَ الْعَدُوَّ فَاسْتُشْهِدَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ اللَّهُ".
° [٣٨٥٢] عبد الرزاق، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ (¬٤) أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: مَا أَشْهَدُ الصَّلَاةَ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فُلَانٌ، قَالَ: فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - غَضِبَ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضبًا مِنْهُ (¬٥) يَوْمَئِذٍ، قَالَ: "مَنْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ، وَالْكَبِيرَ، وَذَا الْحَاجَةِ".
---------------
(¬١) ليس في الأصل ومثبت من (ر)
(¬٢) في (ر): "نفقه"، وصحح عليه.
(¬٣) قوله "فقال الفتى: أنا والله لآتينه، فلأخبرنه خبرك" ليس في الأصل ومثبت من (ر) وهو موافق لما في "مسند السراج" (١٩٧) من طريق ابن جريج.
° [٣٨٥٢] [التحفة: خ م س ق ١٠٠٠٤] [شيبة: ٤٦٩١].
(¬٤) زاد بعده في الأصل: "ابن" وهو خطأ، وقد أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (١٧/ ٢٠٦) من طريق المصنف بدون هذه الزيادة.
(¬٥) في (ر): "منه غضبا".

الصفحة 91