كتاب قطع الجدال في أحكام الاستقبال «للكعبة المشرفة»

المراقبة لا سيَّما في حال المناجاة الثاقبة، فذاق في حالة القرب ما حلى له، ونشق من عرف ذلك الشميم ما عرف به حرامه وحلاله، فلا غَرْو أن يستنتج من شكله الأول ما عنده عليه المعول، حيث ظفر بالسول وما برح في ربقة اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فقل لمريد التبعية بلا عراقة أنها تخييلية ما لها علاقة (¬1).
وأمَّا من كان له الحرص التامّ على العمل بظاهر شريعة سيد الأنام المؤيّد بالأحاديث الصحيحة والنصوص الفقهية الصريحة، فلا يتقدَّمنَّ على إمامه، ولا يتحوَّل ويترقَّبنَّ الثواب الموعود به ملازم الصف الأول (¬2).
¬__________
= كامل، وتوفِّي النبي - صلى الله عليه وسلم - وتركنا على المحجة اليضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلَّا هالك.
وقد كتبت مؤلَّفات كثيرة عن الصوفية وطرقها ومزالقها، من أهمّها: الفكر الصوفي للشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، وتقديس الأشخاص في الفكر الصوفي للشيخ محمد لوج. وممَّن كتب قديمًا عن الصوفية ابن الجوزي رحمه الله في كتابه تلبيس إبليس، وغيره من العلماء رحمهم الله تعالى. وانظر: الموسوعة الميسرة ص (341).
(¬1) مسائل الفقه لا تؤخذ بالذوق وإنما تؤخذ بالامتثال القائم على الدليل من الكتاب والسُّنَّة وبقية المصادر التشريعية، وكون الفقيه يرى رأيًا يخالف فيه غيره، فالأصل أنه بناه على اجتهاد فقهي لا ذوق حسِّي.
(¬2) جاءت أحاديث كثيرة في فضل الصف الأول، منها: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلَّا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا"، متفق عليه.

الصفحة 29