كتاب الانتهاض في ختم «الشفا» لعياض
والذي عندي في الجواب عن القاضي رحمه الله أن توجهه لهذا الأسلوب الرائق، والمطلوب الفائق، الذي يلتذ به السامع، وتصير حواسه كلها لطربه به مسامع، والأجوبة الحسنة المتضمنة للمثوبة البينة، وكون القصد المشي في الطريق الذي لم نر من سار فيه كسيره منه من التشاغل بتمييز الصحيح من غيره؛ سيَّما وهي في الفضائل المتسامح فيها بين الأوائل، وإن فقد في بعضها بعض الشروط، كما هو مقرر مضبوط، فكان القاضي لا يتقيد به، هذا مع أنه قد قال في أثناء كتابه أنه اقتصر في كثير من الأحاديث وغريبها على ما صحّ واشتهر، لا يسأل من غريبه مما ذكره مشاهير الأئمة، وحذفنا الإِسناد في جمهوره طلباً للاختصار، بل يتكلم في الأمور الضرورية غالباً".
ثم ذكر السخاوي نماذج من كلام القاضي عياض على بعض أحاديث الشفا، ثم قال: "وهو شاهد لما اعتذرت به عنه من كونه لا يسكت عن الضروري بخلاف غيره من الفضائل ونحوها، فكلامه مشعر به، ولذا مشى عليه خاصة في شفائه، وأما ما قاله الذهبي في التأويلات (¬1)، فالقاضي رحمه الله يحكي الأقوال ويرجح ويختار ... " (¬2)، إلى آخر كلامه رحمه الله.
وفيما ذكره السخاوي رحمه الله مواضع تحتاج إلى توضيح وتعليق، لكن الذي ينبغي التنبيه عليه هنا هو أن المآخذ على كتاب
¬__________
(¬1) مما أخذ عليه الغلو في مسألة العصمة. (انظر: أزهار الرياض 5/ 9، 10، ومجموع الفتاوى 4/ 319، 15/ 148).
(¬2) الرياض في ختم الشفا لعياض ل/8 ب- 9/ أ (مخطوط).
الصفحة 20
55