كتاب بحث في إجابة الدعوة

وأما الدليل الثاني وهو حديث ابن عمر رضي الله عنهما، فإنه نوقش من وجهين هما:
الأول: أن يقال إن قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها" المراد به وليمة العرس كما تقدم بيان ذلك في الجواب عن حديث أبي هريرة.
وأما رواية "أجيبوا هذه الدعوة" فقال الحافظ ابن حجر1: وهذه اللام يحتمل أن تكون للعهد والمراد وليمة العرس ويؤيده رواية ابن عمر الأخرى "إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها" وقد تقرر أن الحديث الواحد إذا تعددت ألفاظه وأمكن حمل بعضها على بعض تعين ذلك، ويحتمل أن تكون اللام للعموم وهو الذي فهمه راوي الحديث فكان يأتي الدعوة للعرس ولغيره"ا?.
وأما رواية أبي داود وابن عدي والبيهقي "من دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله ... " فإنها تدل على العموم وعدم التخصيص بالعرس لكنها ضعيفة كما تقدم بيان ذلك2.
لكنه ورد عند أبي يعلي وصححه الحافظ3 بلفظ "إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليجبها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله".
فجعل العصيان مقيداً بمن لم يجب دعوة الوليمة لا كل دعوة.
وأما رواية "عرساً كان أو نحوه" فإنها تدل على عدم التخصيص بوليمة العرس لأنه قال أو نحوه لكن يمكن أن يجاب عنه:
بأن يقال هذه الرواية تدل على أنه لا يجب إجابة كل دعوة وذلك لأن الحديث أمر بإجابة دعوة العرس ونحوه فما المراد بهذا النحو؟ فهل المراد به نحوه من حيث الكبر أو غير ذلك؟ إلا أن يقال بينه فهم ابن عمر وأنه كان يأتي في
__________
1 الفتح (9/246) .
2 ص: 103.
3 في التخليص (3/195) عزاه لأبي يعلي وذكر سنده وصححه.

الصفحة 122