كتاب بحث في إجابة الدعوة

ووجه الدلالة جواز الخروج من صوم النفل.
4-حديث أم هانئ رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر".
أخرجه النسائي1 والحاكم2 والبيهقي3.
__________
1 في السنن الكبرى (2/251 رقم 3309) كتاب الصيام، باب الرخصة للصائم المتطوع أن يفطر وذكر اختلاف الناقلين لحديث أم هانئ في ذلك.
2 في المستدرك (2/439) كتاب الصوم، باب صوم التطوع.
3 في السنن (4/276) كتاب الصيام، باب صيام التطوع والخروج منه قبل إتمامه.
كلهم من طريق سماك بن حرب عن أبي صالح عن أم هانئ به.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتلك الأخبار المعارضة لهذا لم يصح منها شيء، ووافقه الذهبي.
وهذا الطريق فيه أمران:
الأول: ضعف أبي صالح مولى أم هانئ.
والثاني: الاختلاف على سماك فيه مع مافيه من كلام فمرة يرويه هكذا ومرة عن ابن أم هانئ عن جدته أم هانئ، ومرة يسميه ويقول: عن هارون بن أم هانئ، ومرة عن رجل عن يحيى بن جعدة عن أم هانئ.
أخرج ذلك النسائي في الكبرى (4/250،251 رقم 3304 حتى 3308) والبيهقي بعضها (4/278، 279) .
وأخرجه أحمد (6/341) والترمذي والسياق له (3/100 رقم 732) كتاب الصوم، باب ماجاء في إفطار الصائم المتطوع، والنسائي في الكبرى (2/250 رقم 3303) وابن عدي في الكامل (2/601) والبيهقي (4/276) من طريق شعبة قال: كنت أسمع سماك بن حرب يقول: حدثني أحد بني أم هانئ فليقت أفضلهم وكان اسمه جعدة وكانت أم هانئ جدته فحدثني عن جدته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها بشراب فشرب ثم ناولها فشربت فقالت: يا رسول الله أما إني كنت صائمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصائم المتطوع أمين نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر".
قال شعبة فقلت له أأنت سمعت هذا من أم هانئ؟ قال: لا أخبرني أبو صالح وأهلنا عن أم هانئ، هذا لفظ الترمذي وغيره قال "أمير نفسه".
وهذا الطريق مداره على أبي صالح أو مجهول أو جعدة ولم يسمعه من أم هانئ كما في هذا الطريق.
قال النسائي (2/252) : وأما جعدة فإنه لم يسمعه من أم هانئ.
وأخرجه أبو داود (4/825 رقم 2456) كتاب الصوم، باب في الرخصة في ذلك من طريق يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن أم هانئ بنحوه.
وحسنه العراقي في تخريج الإحياء نقلاً عن آداب الزفاف للألباني (156) ولكن في هذا التحسين نظر لضعف يزيد بن أبي زياد.
التقريب (601) .
وقال الترمذي: "وحديث أم هانئ في إسناده مقال والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ... ".
وقال النسائي عقب سياق طرقه واختلاف فيه: هذا الحديث مضطرب ... فقد اختلف على سماك بن حرب فيه فسماك بن حرب ليس ممن يعتمد عليه إذا انفرد بالحديث لأنه كان يقبل التلقين.
وأما حديث جعدة فإنه لم يسمعه من أم هانئ ذكره عن أبي صالح عن أم هانئ وأبو صالح هذا اسمه باذان وقيل باذام وهو مولى أم هانئ وهو الذي يروي عنه الكلبي.
قال ابن عيينة عن محمد بن قيس عن حبيب بن أبي ثابت قال: كنا نسمي أبا صالح دُوزوزن وهو بالفارسية كذاب، وأبو صالح والد سهيل بن أبي صالح اسمه ذكوان ثقة مأمون. ا?.
والحاصل أن الحديث روى عن أم هانئ من طرق هي:
الأول: عن أبي صالح عنها وأبو صالح ضعيف.
الثاني: عن جعدة عنها وجعدة لم يسمع منها.
الثالث: عن عبدا لله بن الحارث عنها لكن في سنده يزيد بن أبي زياد.
الرابع: عن يحيى بن جعدة عنها لكن الراوي عن يحيى رجل لم يسم.
الخامس: عن هارون بن أم هانئ – المخزومي - عنها وهارون مجهول.
التقريب (570) .
السادس: عن سماك عن ابن أم هانئ عنها ويحتمل أن يكون ابن أم هانئ هو هارون كما في الطريق الخامس ويحتمل أن يكون جعدة ولم يسمع منها ويحتمل أن يكون يحيى بن جعدة فإنه ابن ابنها وهو ثقة ويروي عنها والأقرب أنه هارون لأن سماك يروي عن هارون وجعدة فبينه وبين يحيى بن جعدة واسطة لم يسم، والله أعلم.
وهذه الطرق كلها مدارها على سماك عدا الطريق الثاني والثالث وفيها مافيها.
وقال ابن التركماني في الجوهر النقي (4/278) : هذا الحديث مضطرب متناً وسنداً ... وأطال في بيان ذلك.

الصفحة 144