كتاب إبراهيم بن محمد بن سفيان رواياته وزياداته وتعليقاته على صحيح مسلم

5 - حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدَّثنا أبو أسامة، حدَّثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كنَّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أخبروني بشجرة شِبه، أو كالرجل المسلم، لا يتحاتُّ ورَقُها".
قال إبراهيم1: "لعلَّ مسلماً قال: "وتُؤتي أُكُلها"، وكذا وجدتُ عند غيري أيضاً: "ولا تؤتي أُكُلها كلَّ حين"2.
__________
1 نصَّ القاضي عياض على أنَّه إبراهيم بن سفيان راوية مسلم، وتبعه النووي. إكمال المعلم (8/347) ، والمنهاج (17/161) .
2 ذكر النووي معنى كلام ابن سفيان موضحاً له، فقال: "معنى هذا أنَّه وقع في رواية إبراهيم بن سفيان صاحب مسلم ورواية غيره أيضاً عن مسلم "لا يتحات ورقها ولا تؤتي أكلها كلَّ حين" واستشكل إبراهيم بن سفيان هذا لقوله: "ولا تؤتي أكلها" خلاف باقي الروايات، فقال: لعلَّ مسلماً رواه "وتؤتي" بإسقاط (لا) وأكون أنا وغيري غلطنا في إثبات (لا) ... ". المنهاج (17/161) .
وتعقَّب القاضي عياض، ابنَ سفيان بأنَّ تأويله غير صحيح وليس هو بغلط كما توهَّم، وما في أصل صحيح مسلم هو الصحيح، وإثبات (ولا) صحيح، وقد رواه البخاري كذلك، فقال: "لا تتحات ورقها ولا تؤتي أكلها" فـ (تؤتي) ابتداء كلام ليس منفياً ب (لا) الذي قبله، وإنَّما نفى في الحديث أشياء أخر من العيوب عنها، فاختصره الراوي (ولا) ولا شاء ذكرها، ونسيها الراوي، والله أعلم، أو اختصر من أنَّه لا يقطع ثمرها، ولا ينعدم ظلها، وشبه هذا، ثم وصفها بأنها تؤتي أكلها كلَّ حين". إكمال المعلم (8/347) .
والذي يظهر أن استشكال ابن سفيان وجيه، على اعتبار أن روايات الحديث تؤيِّده، فبعد تخريج الحديث من طريق عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر وسيأتي وجدتُ أنَّ متنه جاء بأحد لفظين:
الأول: "أخبروني بشجرة مثلها مثل المسلم تؤتي أكلها كلَّ حين بإذن ربِّها، ولا تحت ورقها" كما عند البخاري في الصحيح في كتاب الأدب، وفي الأدب المفرد، وكما عند ابن منده بتقديم جملة: "تؤتي أكلها" على "ولا تحت ورقها".
الثاني: "أخبروني بشجرة تشبه أو كالرجل المسلم، لا يتحات ورقها، ولا، ولا، ولا، تؤتي أكلها كلَّ حين".
وعلى كلا اللفظين لا إشكال، فلما جاءت رواية مسلم بتقديم جملة "لا يتحات ورقها" وجاء بعدها قوله: "تؤتي أكلها" كان استشكال ابن سفيان.
وعلى أية حال فإنَّ ابنَ سفيان لم يجزم بأنَّ تأويله صحيح، بل اعتذر لنفسه ابتداءً بقوله: (ولعل) إشارة منه إلى أنَّ المسألة يمكن الرجوع فيها، وأنَّه يمكن أن يكون الصحيح ما ذهب إليه غيره، والله أعلم.
وحديث مسلم:
أخرجه البخاري في صحيحه (مع الفتح 8/377) كتاب التفسير، باب: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَة..} (4698) ، وفي (10/536) كتاب الأدب، باب: إكرام الكبير ... (6144) . وأخرجه في الأدب المفرد (فضل الله الصمد (1/452) (360) . وأخرجه ابن منده في الإيمان (1/351) (187) .
كلاهما من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر به، على اختلاف في المتن كما تقدَّم.

الصفحة 225