كتاب الضرورة الشعرية ومفهومها لدى النحويين دراسة على ألفية بن مالك

كما ألحقوا الكلام المسجوع في ذلك بالشعر لكون السجع يجري في ذلك مجرى الشعر، بدليل قولهم: "شهر ثرى، وشهر ترى، وشهر مرعى"1 فحذفوا التنوين من "ثرى"، ومن "مرعى" إتباعاً لقولهم: "ترى"؛ لأنه فعل فلم ينوّن لذلك2.
وقالوا: "الضِّيح والريح" فأبدلوا الحاءَ ياءً إتباعاً للريح، والأصل: الضِّحّ3.
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ارجعن مأزورات غير
مأجورات"4؛ بإبدال الواو ألفاً إتباعاً لمأجورات، والأصل: "موزورات"؛ لأنه من الوزر.
وقد جاء مثل ذلك أيضاً في فواصل القرآن لتتفق. قال عز وجل: {فَأَضَلُّونا السَّبِيلا} 5، وقال سبحانه: {وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا} 6. فإن زيادة الألف في "السبيلا" و "الظنونا" بمنزلة زيادتها في الشعر على جهة الإطلاق7.
__________
1 أي شهور الربيع، أي يمطر أولاً ثم يظهر النبات فتراه، ثم يطول فترعاه الأنعام.
انظر: مجمع الأمثال 1/370.
2 انظر: ضرائر الشعر لابن عصفور 13، 14، والارتشاف 3/268.
3 الضّحّ: ما برز للشمس، والريح: ما أصابته الريح، من قولهم: جاء فلان بالضِّحِّ والريح، أي جاء بما طلعت عليه الشمس وجرت عليه الريح. انظر: مجمع الأمثال 1/161.
4 أخرجه ابن ماجة في كتاب الجنائز (50) ، باب ما جاء في اتباع النساء الجنائز رقم 1578.
5 من الآية 67، من سورة الأحزاب.
6 من الآية 10، من سورة الأحزاب.
7 انظر: ضرائر الشعر لابن عصفور 14، الارتشاف 3/269.

الصفحة 393