كتاب الضرورة الشعرية ومفهومها لدى النحويين دراسة على ألفية بن مالك
لا أرى الموتَ يسبقُ الموتَ شيءٌ ... نغَّصَ الموتُ ذا الغنى والفقيرا 1
فأعاد الإظهار"2.
وكان الوجه أن يقول: لا أرى الموت يسبقه شيء، ولكنه أظهر الضمير.
فسيبويه يختار - عند إعادة الاسم الظاهر – الرفعَ، لأن العرب لا تعيد لفظ الظاهر إلاّ أن تكون الجملة الأولى غير الثانية، فتكون الثانية ابتدائيةً كقولك: زيدٌ أكرمته وزيدٌ أحببته، إذ إنه بالإمكان الوقف على الجملة الأولى ثم الابتداء بالأخرى بعد ذكر رجل غير زيد. فلو قيل: زيد أكرمته وهو أحببته لجاز أن يُتوهم الضميرُ لغير زيد. فإذا أُعيد باسمه الظاهر انتفى التوهم. أما مع إعادته مضمراً في الجملة الواحدة نحو: زيد أكرمته فإنه لا يتوهم عود الضمير لغيره، إذ لا تقول، زيدٌ أكرمت عمراً3.
ونصَّ بعضهم كأبي عبد الله القيرواني صاحب ضرائر الشعر4، ومكي ابن أبي طالب5 (437هـ) ، والأعلم6 على أنه لا يجوز الإظهار في موضع الإضمار إلا في الشعر، كقول الفرزدق:
لعمرك ما معنٌ بتاركِ حقِّهِ ... ولا منسىءٌ معنٌ ولا متيسِّرُ7
__________
1 البيت من " الخفيف ". ومعناه ظاهر.
انظره في: ديوان عدي بن زيد 65، الخصائص 3/53، ما يجوز للشاعر في الضرورة 96، تحصيل عين الذهب 86، الاقتضاب 368، الخزانة 1/379، شرح أبيات المغني 7/77.
2 الكتاب 1/30.
3 انظر: تحصيل عين الذهب 86.
4 انظر: ص96 من الكتاب المشار إليه.
5 انظر: مشكل إعراب القرآن 1/329.
6 انظر: تحصيل عين الذهب 86.
7 من "الطويل"."معن": اسم رجل يبيع بالنسيئة، يضرب به المثل في شدة التقاضي.
والمنسىء: هو المؤخر. والمتيسّر: المتساهل.
والبيت في: الديوان 1/310، الكتاب 1/31، ذيل الأمالي 73، ما يجوز للشاعر في الضرورة 98، الاقتضاب 368، الهمع 2/130، الخزانة 1/375.