كتاب الضرورة الشعرية ومفهومها لدى النحويين دراسة على ألفية بن مالك

فإن "ذا" اسم إشارة في محل رفع على الابتداء، وجملة "قَنِع" خبره.
قال الأزهري: "وفيه تقديم المفعول له على عامله وما أظن أحداً يجيز مثل ذلك نثراً، لأن الخبر الفعلي لا يجوز تقديمه على المبتدأ فمعموله أولى. وقول بعض الشراح إن فيه إشعاراً بجواز تقديم المعمول له على عامله صحيح لكنه مشروطٌ بعدم المانع....والمانع هنا موجود كما ترى، وإنما يجوز ذلك أن لو قال: ذا لزهدٍ قنع. ولم أرَ أحداً تنبه لما قلناه في هذا المثال، بل حكموا فيه بالجواز مطلقاً، والظاهر وقفه على الضرورة"1.
قيل: وقد وقف على كلام الأزهري غير واحد وسلَّمه2.
__________
1 تمرين الطلاب في صناعة الإعراب 54.
2 انظر: حاشية ابن الحاج على المكودي 1/158.
خروج "سوى" عن الظرفية:
ذهب سيبويه، وجمهور البصريين إلى أن "سوى" ظرف مكان ملازم للنصب على الظرفية لا يخرج عن ذلك إلاَّ في الشعر1.
ومما احتج به هؤلاء الاستقراءُ، فإن العرب لم تستعمل "سوى" في اختيار الكلام إلا ظرفاً، وتُتأول في الموضع الذي وقعت فيه غير ظرف2.
واحتج سيبويه لهذا بعدم تصرفها، وعدم التصرف إنما يوجد في الظرف، وفي المصادر، وفي الأسماء المبهمة3.
كما احتج البصريون لملازمة "سوى" النصب على الظرفيةِ بأنها صفة ظرف في الأصل، والأولى في صفات الظروف إذا حذفت موصوفاتها النصب4.
__________
1 انظر: الكتاب 1/203، الأصول 1/199.
2 انظر: الإنصاف 1/296، التبيين 419.
3 انظر: الكتاب 1/203، 204.
4 انظر: كتاب سيبويه والضرورة الشعرية 282.

الصفحة 449