كتاب الأثر المشهور عن الإمام مالك رحمه الله في صفة الاستواء

مخلد1، قال: حدّثنا بكّار بن عبد الله القرشي2 ... وساق روايته للأثر المتقدّمة من طريق مهدي بن جعفر، ثم قال: قال بقي: وحدّثنا أيوب بن صلاح3 المخزومي بالرملة، قال:"كنا عند مالك إذ جاءه عراقي فقال له: يا أبا عبد الله مسألة أريد أن أسألك عنها؟، فطأطأ مالك رأسه فقال له: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟، قال: سألتَ عن غير مجهول، وتكلّمت في غير معقول، إنّك امرؤ سوء، أخرِجوه، فأخذوا بضبعيه فأخرجوه"4.
9- رواية بشّار الخفّاف الشيباني5.
قال ابن ماجه في التفسير: حدّثنا علي بن سعيد6، قال: حدّثنا بشّار الخفّاف أو غيره، قال:"كنت عند مالك بن أنس فأتاه رجل فقال: يا أبا
__________
1 بقي بن مَخلَد بن يزيد، أبو عبد الرحمن الأندلسي القرطبي.
قال ابن الفرضي:"كان بقيٌّ ورِعاً فاضلاً زاهداً".
وقال الذهبي:"الإمام القدوة شيخ الإسلام ... الحافظ، صاحب التفسير والمسند اللذين لا نظير لهما"، توفي سنة (276هـ) .
انظر: تاريخ العلماء (1/107 - 109) ، وسير أعلام النبلاء (13/285) .
2 بكّار بن عبد الله بن بسر الدمشقي القرشي.
قال فيه أبو حاتم في الجرح والتعديل (2/410) :"هو صدوق".
3 كذا في التمهيد، وهو خطأ.
4 التمهيد (7/151) .
5 هو بشار بن موسى الخفّاف الشيباني أبو عثمان، روى عن مالك، وروى عنه عليّ بن سعيد النسوي، تكلّم فيه البخاري ويحيى بن معين، وأبو داود، والنسائي وعلي بن المديني، وغيرهم.
قال أحمد بن يحيى بن الجارود: سمعت علياً [يعني: ابن المديني] وذكر بشار بن موسى [الخفاف] فقال: ما كان ببغداد أصلب منه في السنة، وما أحسن رأي أبي عبد الله فيه، يعني أحمد بن حنبل، انظر: تهذيب الكمال (4/85 - 90) .
6 هو علي بن سعيد النسوي أو النسائي، قال في التقريب:"صدوق صاحب حديث".
عمرو الطلمنكي، وأبو عمر بن عبد البر، وابن أبي زيد في المختصر، وغير واحد، ونقله أيضاً عن مالك غير هؤلاء ممّن لا يُحصى عددُهم، مثل أحمد بن حنبل، وابنه عبد الله، والأثرم، والخلال، والآجري، وابن بطة، وطوائف غير هؤلاء من المصنّفين في السنة، ولو كان مالك من الواقفة أو النفاة لم ينقل هذا الإثبات"1.
وقد ألزم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هؤلاء القائلين بأنَّ مذهب السلف التفويض بسبعة لوازم، لا فكاك لهم منها ولا مناص لهم عنها، وهي تنادي على مذهبهم بالإبطال:
أحدها: أن يكون الله سبحانه قد أنزل في كتابه وسنة نبيّه من هذه الألفاظ ما يضلّهم ظاهره ويوقعهم في التشبيه والتمثيل.
الثاني: أن يكون قد ترك بيان الحق والصواب لهم ولم يُفصح به، بل رمز إليه رمزاً، وألغزه ألغازاً لا يفهم من ذلك إلاَّ بعد الجهد الجهيد.
الثالث: أن يكون قد كلَّف عباده أن لا يفهموا من تلك الألفاظ حقائقها وظواهرها، وكلّفهم أن يفهموا منها ما لا تدل عليه، ولم يجعل معها قرينة تفهم ذلك.
الرابع: أنَّه يكون دائماً متكلّماً في هذا الباب بما ظاهره خلاف الحق بأنواع متنوّعة من الخطاب تارة بأنَّه استوى على عرشه، وتارة بأنَّه فوق عباده، وتارة بأنَّه العليّ الأعلى، وتارة بأنَّ الملائكة تعرج إليه، وتارة بأنَّ الأعمال الصالحة تُرفع إليه، وتارة بأنَّ الملائكة في نزولها من العلوِّ إلى أسفل تنزل من عنده، وتارة بأنَّه رفيع الدرجات، وتارة بأنَّه في السماء، وتارة بأنَّه الظاهر الذي ليس فوقه
__________
1 مجموع الفتاوى (5/180 182) .

الصفحة 48