كتاب الأثر المشهور عن الإمام مالك رحمه الله في صفة الاستواء

يحدُّ قدره واصف؟، على أنَّه الحق المبين لا حق أحق منه ولا شيء أبين منه، الدليل على عجز العقول عن تحقيق صفته عجزها عن تحقيق صفة أصغر خلقه، لا تكاد تراه صغراً، يحول ويزول، ولا يُرى له سمع ولا بصر، لما يتقلّب به ويحتال من عقله أعضل بك وأخفى عليك مما ظهر من سمعه وبصره، فتبارك الله أحسن الخالقين، وخالقهم، وسيِّد السادة، وربُّهم، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
اعرف - رحمك الله - غناك عن تكلف صفة ما لم يصف الرب من نفسه بعجزك عن معرفة قدر ما وصف منها، إذا لم تعرف قدر ما وصف فما تكلّفك علم ما لم يصف؟!، هل تستدل بذلك على شيء من طاعته؟، أو تزجر به عن شيء من معصيته؟ …".
إلى أن قال: "فما وصف الله من نفسه فسماه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم سميناه كما سماه، ولم تتكلّف منه صفة ما سواه، لا هذا ولا هذا، ولا نجحد ما وصف، ولا نتكلّف معرفة ما لم يصف …"، إلى آخر كلامه - رحمه الله -1.
2- وقال إسماعيل بن علي الأبلي: سمعت سهل بن عبد الله بالبصرة سنة ثمانين ومئتين يقول: "العقل وحده لا يدل على قديم أزليّ فوق عرش محدث، نصبه الحق دلالة وعلَماً لنا لتهتدي القلوب به إليه ولا تتجاوزه، ولم يكلّف القلوبَ علم ماهية هُويّته، فلا كيف لاستوائه عليه، ولا يجوز أن يُقال: كيف الاستواء لمن أوجد الاستواء؟، وإنَّما على المؤمن الرضى والتسليم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّه على عرشه"، وقال: إنَّما سُمي الزنديق زنديقاً؛ لأنَّه وَزَن دِقَّ
__________
1 الحموية (ص:24- 27) .

الصفحة 82