كتاب الأثر المشهور عن الإمام مالك رحمه الله في صفة الاستواء

ذلك بدعة، والإيمان بجملة ذلك واجب، قال الله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} "1.
6- وسئل أبو علي الحسين بن الفضل البجلي عن الاستواء وقيل له: كيف استوى على عرشه؟، فقال: "أنا لا أعرف من أنباء الغيب إلاَّ مقدار ما كُشف لنا، وقد أعلمنا جلّ ذكره انَّه استوى على عرشه ولم يخبرنا كيف استوى"2.
7- وقال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي: "أما الكلام في الصفات، فإنَّ ما روي منها في السنن الصحاح، مذهبُ السلف إثباتُها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها، وقد نفاها قومٌ فأبطلوا ما أثبته الله، وحققها قوم من المثبتين، فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف، والقصدُ إنَّما هو سلوك الطريقة المتوسّطة بين الأمرين، ودينُ الله تعالى بين الغالي فيه والمقصِّر عنه، والأصلُ في هذا أنَّ الكلام في الصفات فرعُ الكلام في الذات، ويُحتذى في ذلك حذوه ومثاله، فإذا كان معلوماً أنَّ إثبات ربِّ العالمين إنّما هو إثبات وجود لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنَّما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف، فإذا قلنا: لله يدٌ وسمعٌ وبصرٌ، فإنَّما هي صفاتٌ أثبتها الله لنفسه، ولا نقول: إنَّ معنى اليد القدرة، ولا إنَّ معنى السمع والبصر العلم، ولا نقول: إنَّها جوارح، ولا نشبّهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارحُ وأدوات للفعل، ونقول: إنَّما وجب إثباتها؛ لأنَّ التوقيف ورد بها، ووجب نفي التشبيه عنها لقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} "3.
__________
1 رواه الخطيب في تاريخه (13/75،76) ، وأورده الذهبي في السير (9/97) ، وفي العلو (ص161- مختصره) ، وضعّف إسناده الألباني.
2 رواه الصابوني في عقيدة السلف (ص:40) .
3 سير أعلام النبلاء (18/284) .

الصفحة 84