كتاب دراسات في الباقيات الصالحات

عمر.
والقيعان جمع قاع، وهو المكان المستوي الواسع في وطأة من الأرض يعلوه ماء السماء، فيمسكه ويستوي نباته، كذا في النهاية لابن الأثير1، والمقصود أنَّ الجنة ينمو غراسها سريعاً بهذه الكلمات كما ينمو غراس القيعان من الأرض ونبتها.
سادساً: ومِن فضائلهنَّ: أنَّه ليس أحد أفضل عند الله من مؤمن يعمر في الإسلام يكثر تكبيره وتسبيحه وتهليله وتحميده: روى الإمام أحمد، والنسائي في عمل اليوم والليلة بإسناد حسن عن عبد الله بن شداد: أنَّ نفرًا من بني عُذْرَة ثلاثةً أتوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأسلموا قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من يكفينيهم" قال طلحةُ: أنا، قال: فكانوا عند طلحة فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثاً فخرج فيه أحدُهم فاستشهدَ، قال: ثم بَعَثَ بعثاً آخر، فخرج فيهم آخر فاستشهد، قال: ثم مات الثالثُ على فراشه، قال طلحة: فرأيت هؤلاء الثلاثة الذين كانوا عندي في الجنة، فرأيت الميت على فراشه أمامهم، ورأيت الذي استُشهد أخيرًا يليه، ورأيت الذي استُشهد أولَهم آخرَهم، قال: فدخلني من ذلك، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنكرتَ من ذلك، ليس أحدٌ أفضل عند الله من مؤمن يُعمّرُ في الإسلام يَكثُر تكبيرُه وتسبيحُه وتهليله وتحميده"2.
وقد دلّ هذا الحديث العظيم على عِظم فضل من طال عمرُه وحسُن عملُه، ولم يزل لسانُه رَطْباً بذكر الله عز وجل.
سابعاً: ومن فضائلهنَّ: أنَّ الله اختار هؤلاء الكلمات واصطفاهنَّ لعِباده،
__________
(4/132) .
2 المسند (1/163) ، والسنن الكبرى للنسائي كتاب: عمل اليوم والليلة (6/رقم:10674) ، وحسنه العلامة الألباني في الصحيحة (رقم:654) .

الصفحة 14