كتاب تلوين الخطاب لابن كمال باشا دراسة وتحقيق

وأمّا الشرط الآخر المذكور في كتب القوم، وهو أن يكون التعبير الثاني على خلاف مقتضى الظاهر1، واعتباره كيلا يدخل في حدّ الالتفات أشياء ليست منه، منها: أنا زيد وأنت عمرو2، ونحن رجال وأنتم رجال، وأنت الذي فعل كذا، و:
نَحْنُ اللَّذُوْنَ صَبَّحُوا الصَّبَاحَا3
ونحو ذلك ممّا عبّر عن معنى واحد، تارة بضمير المتكلم4 أو المخاطب، وتارة بالاسم المظهر أو ضمير الغائب.
ومنها: يا زيد قم. ويا رجلاً له بصر5 خذ بيدي، لأن الاسم المظهر طريق غيبته فلا حاجة إلى ذكره، واعتباره شرطاً زائداً على ما ذكرنا، لأن أسلوب الكلام لا يتغيّر إلاّ إذا كان كذلك، بناءً على أن المراد من مقتضى ظاهر الكلام،لا مقتضى ظاهر المقام، ولذلك صرّح الإمام البيضاوي
__________
1 انظر المطوّل على التلخيص: 131، وشروح التلخيص: 1/465، 466.
2 ورد في حاشية الدسوقي على شرح السعد: «وإن كان يصدق على كلّ منهما أنه قد عبر فيه عن معنى وهو الذات بطريق الغيبة بعد التعبير عنه بطريق آخر وهو التكلم في الأول والخطاب في الثاني إلا أن التعبير الثاني يقتضيه ظاهر الكلام ويترقبه السامع، لأن المتكلم إذا قال: أنا وأنت، ترقب السامع أن يأتي بعده باسم ظاهر خبراً عنه، لأن الإخبار عن الضمير إنما يكون بالاسم الظاهر، فالإخبار بالاسم الظاهر وإن كان من قبيل الغيبة عن ضمير المتكلم أو المخاطب، إلا أنّه جار على ظاهر ما يستعمل في الكلام" شروح التلخيص: 1/465.
3 هذا الشاهد أورده أبو زيد الأنصاري في النوادر: 47 ونسبه إلى أبي حرب بن الأعلم وهو جاهلي ونقله عنه البغدادي في الخزانة 6/23 ثم أورد في موضع آخر أنه لليلى الأخيلية ناقلاً ذلك عن العييني انظر الخزانة 6/24 بلفظ: قومي الذين صبحوا الصباحا. وهو من الشواهد البلاغية التي وردت في شروح التلخيص 1/466 ولكن دون نسبة إلى صاحبه.
4 في (م) المتكلم والمخاطب.
5 في (م) نصر.

الصفحة 340