كتاب تلوين الخطاب لابن كمال باشا دراسة وتحقيق

الالتفات من التكلم إلى الخطاب: ومثاله من التنزيل {وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون} 1 وذلك أن المراد بقوله تعالى: {وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ} المخاطبون، والمعنى: وما لكم لا تعبدون الذي فطركم فالمعبّر عنه في الجميع هو المخاطبون، ولمّا عبّر عنهم بصيغة التكلم كان مقتضى2 الظاهر أن لا يغيّر أسلوب الكلام، بل يجري اللاحق على سنن السابق، ويقال: وإليه3 أرجع، فلمّا عدل عنه إلى ما4 ذكر تحقق الالتفات5.
ومن الشعر:
تَذَكَّرْتَ والذِّكْرَى تَهِيْجُكَ زَيْنَبَا وَأَصْبَحَ باقِي وَصْلِها قَدْ تَقضَّبا6
__________
1 الآية (22) من سورة يس والآية من شواهد المصباح في المعاني والبيان والبديع لابن الناظم: 31، والتلخيص (87) والإيضاح (158) .
2 في (م) : المقتضى.
3 ساقط: من (م) .
4 ساقط: من (د) .
5 انظر الكشاف 3/319 فقد قال عند تفسير هذه الآية: «ثم أبرز الكلام في معرض المناصحة لنفسه، وهو يريد مناصحتهم، يتلطف بهم ويداريهم، ولأنّه أدخل في إمحاض النصح حيث لا يريد لهم إلا ما يريد لروحه، ولقد وضع قوله {وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون} مكان قوله: "وما لكم لا تعبدون الذي فطركم. ألا ترى إلى قوله: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون} ؟ ولولا أنه قصد ذلك لقال: الذي فطرني وإليه أرجع".
- وقد أورد ابن الأثير الآية وجعلها مثالاً (للرجوع من خطاب النفس إلى خطاب الجماعة وذكر مثل كلام الزمخشري السابق في تحليل الالتفات. (المثل السائر 2/173) .
6 البيت لربيعة بن مقروم الضبِّي شاعر مخضرم شهد القادسية وجلولاء، وهو من شعراء مضر المعدودين. (الشعر والشعراء 1/157) .
والبيت مطلع قصيدة للشاعر في الأصمعيات (224) .
وفي المفضيليات (375) . وضبط في المفضليات بضم تاء (تذكرتُ) وبفتحها في الأصمعيات. وفي الاختيارين (581) ضبط بالفتح أيضاً والبيت من شواهد المفتاح (119) والمصباح (32) والإيضاح (1/157) .

الصفحة 355