كتاب سد الذرائع في مسائل العقيدة

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في سنته صفة القبور، وما يجب أن تكون عليه، ومن ذلك ما رواه جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما- قال:" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر أو يقعد عليه أو يبنى عليه" 10
وعن أبى الهياج الأسدي قال: قال لي على بن أبى طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته"20
وقد وردت أحاديث كثيرة بهذا المعنى، وكلها تدل على تحريم البناء على القبور أو الكتابة عليها وتجصيصها، وإيقاد السرج عليها30
والآن إلى ذكر بعض الأحاديث الواردة في النهى عن اتخاذ القبور مساجد والصلاة عندها، وبيان ما في ذلك من سد لذرائع الشرك0
1-عن عائشة وعبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – قالا: لما نزل 4 برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق5 صلى الله عليه وسلم يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتنم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك: "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذر ما صنعوا60
__________
1 أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب 32 جـ2 /667، وأحمد في مسنده جـ3/ 339، والترمذي في أبواب الجنائز باب 57 جـ4 / 155، وأبو داود في كتاب الجنائز باب 76 جـ3 /552.
2 أخرجه مسلم في كتاب الجنائز باب 31 جـ2 /666، والترمذي في أبواب الجنائز باب 55 جـ4/150، وأبو داود في كتاب الجنائز باب 72 جـ3 / 548.
3 يراجع في ذلك المبحث الثالث من الفصل الثاني من كتابي "أصول الاعتقاد عند الإمام البغوي"0
4 نُزل ونزل، والمعنى: لما نزل ملك الموت، أو حضرت المنية، والوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
5 طفق: بكسر الفاء وفتحها، أي: جعل، والكسر أفصح وأشهر0
6 الحديث أخرجه البخاري في مواضع منها كتاب الصلاة باب 55 جـ1/532، وكتاب الجنائز باب 61 جـ3 /200، وباب 96 جـ3/255، وكتاب أحاديث الأنبياء باب 50 جـ6/494، ومسلم في كتاب المساجد باب 3 جـ1/ 377، والنسائي في كتاب المساجد باب النهى عن اتخاذ القبور مساجد جـ2/33 وأحمد في مسنده جـ6 /228، 275

الصفحة 203