كتاب سد الذرائع في مسائل العقيدة

يعرج فيها فيصعد إليها من الأرض، وهو معكم أينما كنتم، يقول: وهو شاهد لكم أيها الناس0 أينما كنتم يعلمكم ويعلم أعمالكم، ومتقلبكم ومثواكم، وهو على عرشه فوق سماواته السبع، والله بما تعملون بصير…"10
وقال ابن تيمية عن فهم السلف وتفسيرهم لمعنى المعية والقرب:"…. وأما القسم الرابع، فهم سلف الأمة وأئمتها، أئمة العلم والدين من شيوخ العلم والعبادة، فإنهم أثبتوا وآمنوا بجميع ما جاء به الكتاب والسنة كله من غير تحريف للكلم، أثبتوا أن الله تعالى فوق سماواته، وأنه على عرشه بائن من خلقه، وهم منه بائنون، وهو أيضا مع العباد عموما بعلمه، ومع أنبيائه وأوليائه بالنصر والتأييد والكفاية، وهو أيضا قريب مجيب ففي آية النجوى دلالة على أنه عالم بهم2، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل"30 فهو سبحانه مع المسافر في سفره ومع أهله في وطنه، ولا يلزم من هذا أن تكون ذاته مختلطة بذواتهم.." 40
ومعية الله لخلقه تنقسم إلى قسمين: معية خاصة، وهى الواردة في مثل قول الله تعالى: {قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} 5، وفى قوله: {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} 6، وهذه المعية تقتضى النصر والتأييد والحفظ والإعانة، وهى للمؤمنين، ومعية عامة تتعلق بالناس جميعا، وهى الواردة في مثل قول الله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ
__________
1 تفسير الطبري جـ27 / 125.
2 يعنى الآية رقم 7 من سورة المجادلة.
3 أخرجه مسلم في كتاب الحج باب 75 جـ2 / 978، وأبو داود في سننه كتاب الجهاد باب 79 جـ3 / 74 وغيرهما0
4 مجموع الفتاوى جـ5/ 231، ولمزيد من التفصيل يراجع ص 494 – 513 من الجزء المذكور0
5 سورة طه / آية: 46.
6 التوبة / آية: 40.

الصفحة 233