كتاب المداراة وأثرها في العلاقات العامة بين الناس

فَكَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَقَامَ الصَّلاةَ ينادي: لا يَقْرَبَنَّ الصَّلاةَ سَكْرَانُ. فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ. فقَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنَ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شَافِيًا، فَنَزَلَتِ هذه الآية: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ. . .} [المائدة / 90] ، فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ فلمّا بلغ {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} قال عمر: انْتَهَيْنَا انْتَهَيْنَا 1.
فعادة شرب الخمر كانت متأصلة في مجتمع مكة وغيره بين العرب حينذاك، وعنوان كرم، ودليل إكرام بينهم.
وللخمر تأثير على عقل الإنسان، يفقده التمييز بين الأمور، ويدفعه للخلط فيما يأتي من أفعال، وأقوال لها مساس بالمروءة.
وأمور العبادة الَّتِي نادى بها الإسلام بعد ذلك لا تصحّ من أحد إلاّ وفق قواعد محددة، بأركان، وشروط، وواجبات، تنضبط بانضباط فاعلها، إذا كان سويًا، عاقلاً، مدركًا.
والعقل في ذلك كلّه هو المحور الأساسي الَّذي تدور عليه قابلية التكاليف الشرعية، وهو مناطها.
فإذا كان متوقّدًا، يقظًا استطاع التفريق بين الحلال والحرام، أو انقاد - برضى وقبول - لمن يرشده إلى ذلك، ومن الآفات الَّتِي لها تأثير سلبي مباشر على العقل البشري: الخمر. أو كلّ ما خامر العقل، وستره.
__________
1 أخرجه الترمذي في تفسير سورة المائدة. وأَبو داود في الأشربة، باب في تحريم الخمر. والنسائي في الأشربة، باب في تحريم الخمر.
قال الألباني في صحيح سنن أبي داود: صحيح (2/699) ، وانظر أسباب نزول القرآن، للواحدي (ص201) .

الصفحة 308