كتاب المداراة وأثرها في العلاقات العامة بين الناس

جاهِلاً بهِ فالمُصيبة أَعظم. لأَنَّه المسئول الأوّل عَن كلِّ مَظْلمة أَو خَطأ يَقَع مِنهم عَلى الرَّعيّةِ.
كان عُمر بن الخطّاب رضي الله عنه يتفقَّدُ بَعض أَحياء المدينة إِذْ مَرَّ بعجوزٍ وحولَها صِبية يَبْكون وهي تَقول: اللهُ بيْنَنا وبَيْن عُمر.
فاسْتوقفه ذلك وسألها: وما يُدْري عُمر بِكُم؟! ردَّت عَليه - وهي لا تَعْرِفه -: يَتَولَّى أَمرنا ثُمَّ يَغْفُل عَنَّا.؟!
فأمدَّها بزادٍ وقَام عليه حَتَّى نَضج، فأكل الصِّبية وناموا. فالتَفَتَتْ إِليه العجوز وقالت: إنك أَولى بالأَمْر مِن عُمر 1.
الشاهد في ذلك قَولها: يَتَولى أَمرنا ثمَّ يغفل عنَّا! .
وإقرار عُمر لَها بعَدمِ تعْنِيفِها، تَصْويبٌ لرأَيها. مِمَّا يؤكِّد مَسئولية الوالي على كلِّ ما يَجْري في وِلايتهِ.
وفي بَعْض الأَقطار - غَير المسْلِمة - إذا جُرِّمَ موظف في وزارة فإنَّ الوَزير يَفقِد منْصِبه. وإذا كانَ وزَيرًا اسْتَقالت الحُكومة بِرُمَّتها!! .
فكيفَ بِنا ونَحن مُسلِمون نغفل عن مثل هذا، وإِذا سَرَق فينا الضَّعيفُ أَقمنا عليه الحدّ، وإذا سَرق فينا الشَّريفُ تركْنَاه. ورَسُولُنَا وقُدْوَتُنا أَقْسَم بأَيْم الله لو أَنَّ فَاطِمة بنت مُحمّد سَرَقت لَقَطَعْتُ يدها 2.
__________
1 انظر مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لابن الجوزي، ص69. وانظر تاريخ الطبري (5/20 ـ 21) .
2 أخرجه البخاري في الحدود، باب إقامة الحدود على الشريف والوضيع. ومسلم في الحدود، باب قطع السارق الشريف وغيره.

الصفحة 330