كتاب مع الامام أبي إسحاق الشاطبي في مباحث من علوم القرآن الكريم وتفسيره

(1) قَالَ - رَحمَه الله تَعَالَى -: " ... وكاستدلالهم على تَقْدِير أقل مُدَّة الْحمل سِتَّة أشهر أخذا من قَوْله تَعَالَى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} 1مَعَ قَوْله: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} 2فالمقصد فِي الْآيَة الأولى بَيَان مُدَّة الْأَمريْنِ جَمِيعًا من غير تَفْصِيل، ثمَّ بيَّن فِي الثَّانِيَة مُدَّة الفصال قصدا، وَسكت عَن بَيَان مُدَّة الْحمل وَحدهَا قصدا، فَلم يذكر لَهُ مدّة؛ فَلَزِمَ من ذَلِك أَن أقلهَا سِتَّة أشهر"3.
(2) وَقَالَ - رَحمَه الله تَعَالَى -: " ... قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً ... } إِلَى قَوْله: {وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً} 4 ... فُسّرت بِأَن الله حرم على الرجل أَن يرتجع الْمَرْأَة يقْصد بذلك مضارتها، بِأَن يطلقهَا، ثمَّ يُمْهِلهَا حَتَّى تشارف انْقِضَاء الْعدة ثمَّ يرتجعها، ثمَّ يطلقهَا حَتَّى تشارف انْقِضَاء الْعدة، وَهَكَذَا لَا يرتجعها لغَرَض لَهُ فِيهَا سوى الْإِضْرَار بهَا"5.
(3) وَقَالَ - أَيْضا -: "فصل، قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} 6رُوي فِي سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة أخبارٌ جُمْلَتهَا تَدور على معنى وَاحِد، وَهُوَ تَحْرِيم مَا أحل الله من الطَّيِّبَات تدينا أَو شبه التدين، وَالله نهى عَن ذَلِك، وَجعله اعتداء، وَالله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ، ثمَّ قرر
__________
1 - سُورَة الْأَحْقَاف، الْآيَة: 15.
2 - سُورَة لُقْمَان، الْآيَة: 14.
3 - انْظُر الموافقات (2/154) .
4 - سُورَة الْبَقَرَة، الْآيَة: 231.
5 - انْظُر الموافقات (3/110، 111) .
6 - سُورَة الْمَائِدَة، الْآيَة: 87، 88.

الصفحة 115