كتاب حقيقة السحر وحكمه في الكتاب والسنة

وأصحاب هذا النوع قد يخفون استعانتهم بالشياطين بما يزعمونه من أن لكل نوع من الملائكة أسماء أمروا بتعظيمها ومتى أقسم عليهم بها أطاعواوفعلوا ما طلب منهم ولا يخفى بطلان هذا الزعم، وأن ما يحصل من تعظيم وقسم إنما هو متوجه إلى الشياطين1.
النوع الرابع: العقد والنفث فيه قال تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} 2
والنفاثات في العقد: هن السواحر اللاتي يعقدن الخيوط وينفثن3 في كل عقدة حتى ينعقد ما يردن من السحر وذلك إذا كان المسحور غير مباشر، أما إذا كان مباشراً فينفثن عليه مباشرة. وذلك كله بعد أن تكيف نفس الساحر بالخبث والشر الذي يريده بالمسحور ويستعين عليه بالأرواح الخبيثة فيقع فيه السحر بإذن الله الكوني القدري. ويطلق البعض على هذا النوع الرقى لشبهها بها في الصورة ومن هذا النوع سحر لبيد بن ألاعصم اليهودي للرسول صلى الله عليه وسلم والشرك في هذا النوع ظاهر ذلك أنه استعانة بالأرواح الخبيثة وهم الشياطين4.
النوع الخامس: الهيمياء بكسر الهاء على وزن كبرياء، وهو ما تركب من خواص سماوية تضاف لأحوال الأفلاك يحصل لمن عمل له شيء من ذلك أمور معلومة عند السحرة، وقد يبقى له إدراك وقد يسلبه بالكلية فتصير أحواله كحالات النائم من غير فرق حتى يتخيل مرور السنين الكثيرة في الزمن اليسير وحدوث
__________
1 أضواء البيان ج4 ص453.
2 آية 4 سورة الفلق.
3 النفث: هو النفخ مع الريق وهو دون التفل.
4 انظر بدائع الفوائد ج2 ص221 ومعارج القبول ج2 ص563، وأضواء البيان ج4 ص452.

الصفحة 145