كتاب حقيقة السحر وحكمه في الكتاب والسنة

به سحره الكفر لأن الساحر الذي قتله جندب كان سحره من نوع الشعوذة ... وقول عمر: "اقتلوا كل ساحر" يدل على ذلك بصيغة العموم1.
القول الثاني: وهو مذهب الإمام الشافعي وابن المنذر وراية عن الإمام أحمد2أن الساحر إذا عمل بسحره ما يبلغ الكفر وجب قتله كفراً بعد الاستتابة أما إذا لم يبلغ الكفر وقتل نفساً قتل قصاصاً. وما سوى ذلك يعزر. يقول السبكي "وأما مذهب الشافعي فحاصله أن الساحر له ثلاثة أحوال حال يقتل كفراً، وحال يقتل قصاصاً، وحال لا يقتل أصلاً بل يعزر. أما الحالة التي يقتل فيها كفراً فقال الشافعي رحمه الله أن يعمل بسحره ما يبلغ الكفر. وشرح أصحابه ذلك بثلاثة أمثلة - أحدها: أن يتكلم بكلام هو كفر، ولاشك أن ذلك موجب للقتل ومتى تاب منه قبلت توبته وسقط عنه القتل وهو يثبت بالإقرار وبالبينة.
المثال الثاني: أن يعتقد ما يوجب الكفر مثل التقرب إلى الكواكب السبعة، وأنها تفعل بأنفسها، فيجب عليه أيضاً القتل ... وتقبل توبته. ولا يثبت هذا القسم إلا بالإقرار.
المثال الثالث: أن يعتقد أنه حق يقدر به على قلب الأعيان فيجب عليه القتل ... ولا يثبت ذلك أيضاً إلا بالإقرار، وإذا تاب قبلت توبته وسقط عنه القتل. وأما الحالة التي يقتل فيها قصاصاً فإذا اعترف أنه قتل بسحره إنسانا ... وأنه مات به وأن سحره يقتل غالباً فها هنا يقتل قصاصاً ولا يثبت هذه الحالة إلا الإقرار ولا يسقط القصاص بالتوبة. وأما الحالة التي لا يقتل فيها أصلاً ولكن يعزر فهي ما عدا ذلك3.
__________
1 أضواء البيان ج4 ص 461.
2 انظر: المغني لابن قدامة ج8 ص153.
3 فتاوى السبكي ج2 ص324.

الصفحة 176