كتاب مع الامام أبي إسحاق الشاطبي في مباحث من علوم القرآن الكريم وتفسيره

فَتَاوَاهُ على الْمَأْثُور من نُصُوص الْوَحْي، وأقوال أَعْلَام الْمَذْهَب الْمَالِكِي، وَإِذا لم يظفر بِشَيْء من ذَلِك فِي الْمَسْأَلَة، يجْتَهد بانيا على مُرَاعَاة مَقَاصِد الشَّرِيعَة الإسلامية1.
وَأما مَذْهَب الإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي فِي العقيدة: فَهُوَ مَذْهَب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، الْمَبْنِيّ على الْكتاب وَالسّنة، وَذَلِكَ فِي الْجُمْلَة؛ إِذْ أَنه لم يسلم من الْميل إِلَى رَأْي الأشاعرة فِي بعض الصِّفَات - وَفِي غير الصِّفَات -، فَمن ذَلِك قَوْله: "وَالْحب والبغض من الله تَعَالَى، إِمَّا أَن يُرَاد بهما نفس الإنعام أَو الانتقام، فيرجعان إِلَى صِفَات الْأَفْعَال على رَأْي من قَالَ بذلك، وَإِمَّا أَن يُرَاد بهما إِرَادَة الإنعام والانتقام فيرجعان إِلَى صِفَات الذَّات؛ لِأَن نفس الْحبّ والبغض المفهومين فِي كَلَام الْعَرَب حَقِيقَة محالان على الله تَعَالَى ... "2.
وَقَالَ: " ... قَوْله تَعَالَى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِم} 3، {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} 4وَأَشْبَاه ذَلِك إِنَّمَا جرى على معتادهم فِي اتِّخَاذ الْآلهَة فِي الأَرْض، وَإِن كَانُوا مقرين بإلهيّة الْوَاحِد الحقّ، فَجَاءَت الْآيَات بِتَعْيِين الفوق وتخصيصه تَنْبِيها على نفي مَا ادَّعوه فِي الأَرْض فَلَا يكون فِيهِ دَلِيل على إِثْبَات الْجِهَة الْبَتَّةَ"5.
وَقَالَ: " (فصل) وَهل لِلْقُرْآنِ مَأْخَذ فِي النّظر على أَن جَمِيع سوره كَلَام
__________
1 - انْظُر مُقَدّمَة أبي الأجفان لكتاب الإفادات والإنشادات، ص (46) .
2 - الموافقات (2/194) .
3 - سُورَة النَّحْل، الْآيَة: 50.
4 - سُورَة الْملك، الْآيَة: 16.
5 - الموافقات (4/155) .

الصفحة 25