كتاب العلمانية وموقف الإسلام منها

للقومية العربية، وفي العراق دعا سكان الشمال إلى بعث القومية الكردية، وفي الهند ظهر مسلمون يفخرون بالانتساب إلى القومية الهندية.
وهكذا كانت الآثار القومية السيئة لا حد لها، وبدل أن تكون طريقا لوحدة عربية شاملة، كما زعم دعاتها، أصبحت من عوامل بث الاضطرابات والتفرق بين الأمة الإسلامية، خاصة عندما عرّج بها دعاتها على الاشتراكية الثورية، وأغرقوا الشعوب بسيل من الشعارات التي لا محتوى لها، ولا مضمون وراءها، كالتغيير الثوري، والحل الثوري، ومجتمع الكفاية والعدل والتقدمية والتحررية وغير ذلك من الشعارات الزائفة1.
ولا يفهم من هذا توهين علاقة الإنسان بقومه أو وطنه، فتلك من الفطرة البشرية المركوزة في جبلة الإنسان، وليست محبة الإنسان لوطنه وأمته وسعيه في سبيل تقدمها وازدهارها، والعمل على أن تكون كرامتها مصونة، وحصونها محمية، وإنما الإنكار على ابتعاد المسلم عن دينه وعقيدته، وحصر ولائه للقوم أو الوطن، والتحول إلى العصبية العمياء، التي تنتصر للقوم أو الوطن بالحق أو بالباطل، وعدم الاهتمام بالإسلام وقضايا المسلمين.
6-الدعوة إلى الارتماء في أحضان الغرب وأخذ حضارته دون وعي ولا تمييز:
فقد قام بهذه الفكرة كثير من دعاة التضليل للأمة الإسلامية عند ضعف المسلمين وتفرقهم، حيث زعموا أن سبيل التقدم والنهضة، هو السير خلف ركاب الغربيين، والأخذ بمنهجهم وطريقتهم في كل شيء، حتى نكون مثلهم في الحضارة الحديثة، بخيرها وشرها، وما يحمد منها وما يُعاب.
__________
1 انظر: الاتجاهات الفكرية المعاصرة د/ جمعة الخولي ص128.

الصفحة 392