كتاب مع الامام أبي إسحاق الشاطبي في مباحث من علوم القرآن الكريم وتفسيره

الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ} 1الخ. فَقَالَ عمر: إِنَّك أَخْطَأت التَّأْوِيل يَا قدامَة، إِذا اتَّقَيْت الله اجْتنبت مَا حرم الله"2.
ثمَّ قَالَ أَبُو إِسْحَاق الشاطبي: "فَفِي الْحَدِيثين بَيَان أَن الْغَفْلَة عَن أَسبَاب التن - زيل تؤدِّي إِلَى الْخُرُوج عَن الْمَقْصُود بِالْآيَاتِ"3.
ثمَّ سَاق أَبُو إِسْحَاق الشاطبي الْأَثر الَّذِي فِيهِ إِنْكَار ابْن مَسْعُود على من قَالَ: إِن الْمَقْصُود بالدخان فِي قَوْله تَعَالَى: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} 4 يَوْم الْقِيَامَة، ثمَّ ذكر قَول ابْن مَسْعُود فِي الْآيَة، وَأَن الدُّخان إِنَّمَا كَانَ فِي الدُّنْيَا استجابة لدَعْوَة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم5.
ثمَّ قَالَ أَبُو إِسْحَاق: "وَهَكَذَا شأنُ أَسبَاب النُّزُول فِي التَّعْرِيف بمعاني المنزَّل، بِحَيْثُ لَو فقد ذكر السَّبَب، لم يعرف من الْمنزل مَعْنَاهُ على الْخُصُوص، دون تطرق من الِاحْتِمَالَات، وَتوجه الإشكالات ... "6.
__________
1 - سُورَة الْمَائِدَة، الْآيَة: 93.
2 - الموافقات (4/150) ، والأثر أخرجه عبد الرَّزَّاق فِي المُصَنّف (9/240 - 242) - بِسَنَد رِجَاله ثِقَات - وَالْبَيْهَقِيّ فِي السّنَن (8/315، 316) وَقَالَ الْحَافِظ: لم يخرج البُخَارِيّ هَذِه الْقِصَّة لكَونهَا مَوْقُوفَة لَيست على شَرطه. انْظُر الْفَتْح (7/320) .
وَسبب نزُول الْآيَة أَن الصَّحَابَة، أَو بَعضهم عِنْدَمَا نزل تَحْرِيم الْخمر سَأَلُوا عَن مصير من مَاتَ وَهُوَ يشرب الْخمر، فَنزلت الْآيَة عذرا لمن مَاتَ قبل نزُول تَحْرِيمهَا. انْظُر: أَسبَاب النُّزُول، ص (209) ، وَالصَّحِيح الْمسند من أَسبَاب النُّزُول، ص (61، 62) .
3 - الموافقات (4/151) .
4 - سُورَة الدُّخان، الْآيَة: 10.
5 - انْظُر الموافقات (4/152) ، وَانْظُر الحَدِيث فِي صَحِيح البُخَارِيّ - مَعَ الْفَتْح - (8/511) ، كتاب التَّفْسِير، سُورَة الرّوم، ح (4774) .
6 - انْظُر الموافقات (4/152) .

الصفحة 42