كتاب مع الامام أبي إسحاق الشاطبي في مباحث من علوم القرآن الكريم وتفسيره

والأنكحة وَمَا دَار بهَا، والجنايات من أَحْكَام الدِّمَاء وَمَا يَليهَا.
وَأَيْضًا فَإِن حفظ الدّين فِيهَا، وَحفظ النَّفس وَالْعقل والنسل وَالْمَال مضمن فِيهَا، وَمَا خرج عَن الْمُقَرّر فِيهَا فبحكم التَّكْمِيل، فغيرها من السُّور المدنية الْمُتَأَخِّرَة عَنْهَا مَبْنِيّ عَلَيْهَا، كَمَا كَانَ غير الْأَنْعَام من الْمَكِّيّ الْمُتَأَخر عَنْهَا مَبْنِيا عَلَيْهَا، وَإِذا تنزلت إِلَى سَائِر السُّور بَعْضهَا مَعَ بعض فِي التَّرْتِيب وَجدتهَا كَذَلِك، حَذْو القذة بالقذة، فَلَا يغيبن عَن النَّاظر فِي الْكتاب هَذَا الْمَعْنى؛ فَإِنَّهُ من أسرار عُلُوم التَّفْسِير، وعَلى حسب الْمعرفَة بِهِ تحصل لَهُ الْمعرفَة بِكَلَام ربه سُبْحَانَهُ"1.
التَّعْلِيق على مَبْحَث: الْمدنِي من السُّور يَنْبَغِي أَن يكون منزلا على الْمَكِّيّ فِي الْفَهم
التَّعْلِيق على هَذَا المبحث من وَجْهَيْن:
الأوّل: أَن الإِمَام أَبَا إِسْحَاق الشاطبي قد سبق من كتب فِي عُلُوم الْقُرْآن - وَتعرض للمكي وَالْمَدَنِي - إِلَى دراسة هَذِه الْمَسْأَلَة2.
وَمن كتب فِي هَذَا المبحث فَهُوَ تبع للْإِمَام أبي إِسْحَاق الشاطبي، على أَن أهمّ كتابين متداولين فِي عُلُوم الْقُرْآن لم يتَعَرَّض مؤلّفاهما لهَذَا المبحث بِهَذِهِ الطَّرِيقَة الَّتِي سلكها أَبُو إِسْحَاق3.
الثَّانِي: أَن هَذَا المبحث بِهَذَا النَّحْو الَّذِي طرقه الإِمَام أَبُو إِسْحَاق الشاطبي فِيهِ أحسن رد على أُولَئِكَ الْمَلَاحِدَة الَّذين زَعَمُوا أَن لَا صلَة بَين الْمَكِّيّ
__________
1 - انْظُر الموافقات (4/256 - 258) .
2 - وَهَذَا حسب مَا اطَّلَعت عَلَيْهِ.
3 - أَعنِي الْبُرْهَان فِي عُلُوم الْقُرْآن للزركشي، والإتقان فِي عُلُوم الْقُرْآن للسيوطي.

الصفحة 58