كتاب مع الامام أبي إسحاق الشاطبي في مباحث من علوم القرآن الكريم وتفسيره

فِيهِ"1.
ثمَّ وضَّح أَبُو إِسْحَاق الْمَقْصُود بِالرَّأْيِ المذموم فَقَالَ: "وَأما الرَّأْي غير الْجَارِي على مُوَافقَة الْعَرَبيَّة، أَو الْجَارِي على الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة2 فَهَذَا هُوَ الرَّأْي المذموم من غير إِشْكَال كَمَا كَانَ مذموما فِي الْقيَاس أَيْضا حَسْبَمَا هُوَ مذكورٌ فِي كتاب الْقيَاس؛ لِأَنَّهُ تَقول على الله بِغَيْر برهَان، فَيرجع إِلَى الْكَذِب على الله تَعَالَى، وَفِي هَذَا الْقسم جَاءَ من التَّشْدِيد فِي القَوْل بِالرَّأْيِ فِي الْقُرْآن مَا جَاءَ"3.
ثمَّ أورد أَبُو إِسْحَاق الشاطبي عَن جملَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ ذمّ هَذَا النَّوْع من الرَّأْي4.
ثمَّ ختم هَذِه الْمَسْأَلَة بقوله: "فَالَّذِي يُسْتَفَاد من هَذَا الْموضع أَشْيَاء:
مِنْهَا: التحفظ من القَوْل فِي كتاب الله تَعَالَى إلاَّ على بَيِّنَة، فَإِن النَّاس فِي الْعلم بالأدوات الْمُحْتَاج إِلَيْهَا فِي التَّفْسِير على ثَلَاث طَبَقَات: إِحْدَاهَا: من بلغ فِي ذَلِك مبلغ الراسخين كالصحابة وَالتَّابِعِينَ، وَمن يليهم، وَهَؤُلَاء قَالُوا مَعَ التوقي والتحفظ والهيبة وَالْخَوْف من الهجوم، فَنحْن أولى بذلك مِنْهُم، إِن ظننا بِأَنْفُسِنَا أَنا فِي الْعلم والفهم مثلهم، وهيهات.
وَالثَّانيَِة: من علم من نَفسه أَنه لم يبلغ مبالغهم وَلَا داناهم، فَهَذَا طرف لَا إِشْكَال فِي تَحْرِيم ذَلِك عَلَيْهِ.
__________
1 - الموافقات (4/276 - 279) .
2 - هَكَذَا فِي النّسخ المطبوعة الَّتِي اطَّلَعت عَلَيْهَا، وَقد نبه بعض الْمُحَقِّقين للموافقات بقوله: ((لَعَلَّ الصَّوَاب غير الْجَارِي)) .
3 - الموافقات (4/279، 280) .
4 - انْظُر الْمصدر نَفسه (4/280 - 282) .

الصفحة 65