كتاب مع الامام أبي إسحاق الشاطبي في مباحث من علوم القرآن الكريم وتفسيره

تتصرف فِيهِ بالتغيير كَمَا تتصرف فِي كَلَامهَا، وَإِذا فعلت ذَلِك صَارَت تِلْكَ الْكَلم مَضْمُومَة إِلَى كَلَامهَا كالألفاظ المرتجلة والأوزان المبتدأة لَهَا، هَذَا مَعْلُوم عِنْد أهل الْعَرَبيَّة لَا نزاع فِيهِ وَلَا إِشْكَال.
وَمَعَ ذَلِك فَالْخِلَاف الَّذِي يذكرهُ الْمُتَأَخّرُونَ فِي خُصُوص الْمَسْأَلَة لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ حكم شَرْعِي، وَلَا يُسْتَفَاد مِنْهُ مَسْأَلَة فقهية، وَإِنَّمَا يُمكن فِيهَا أَن تُوضَع مَسْأَلَة كلامية يبْنى عَلَيْهَا اعْتِقَاد، وَقد كفى الله مُؤنَة الْبَحْث فِيهَا بِمَا اسْتَقر عَلَيْهِ كَلَام أهل الْعَرَبيَّة فِي الْأَسْمَاء الأعجميّة"1.
التَّعْلِيق على مَبْحَث: وجود المعرَّب فِي الْقُرْآن الْكَرِيم
يُفهم من كَلَام أبي إِسْحَاق فِي هَذِه الْمَسْأَلَة أَنه لَا يستبعد وجود بعض الْكَلِمَات فِي الْقُرْآن أَصْلهَا لَيْسَ عَرَبيا، إلاَّ أَنه يرى أَن الْعَرَب بعد أَن تَكَلَّمت بهَا، وغيَّرت فِيهَا حَتَّى تتناسب مَعَ الْعَرَبيَّة أَصبَحت فِي هَذِه الْحَالة عَرَبِيَّة وَبهَا نزل الْقُرْآن الْكَرِيم.
وَهَذَا الَّذِي ذهب إِلَيْهِ أَبُو إِسْحَاق هُوَ مَذْهَب من أَرَادَ الْجمع بَين قَوْلَيْنِ، أَحدهمَا: يَنْفِي وجود المعرَّب فِي الْقُرْآن الْكَرِيم، وَالْآخر: يثبت وجود المعرَّب.
وَإِن أردْت الْإِحَاطَة بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة من جَمِيع جوانبها فَانْظُر فِيهَا آراء الْأَئِمَّة: الشَّافِعِي2، وَابْن جرير الطَّبَرِيّ3، وَأبي عُبَيْدَة4، وَابْن فَارس5،
__________
1 - الْمصدر نَفسه (2/102، 103) .
2 - انْظُر الرسَالَة، ص (41 - 47) .
3 - انْظُر تَفْسِيره، (1/13 - 19) .
4 - انْظُر مجَاز الْقُرْآن (1/17، 18) .
5 - انْظُر الصاحبي، ص (46) .

الصفحة 84