كتاب المدبج ورواية الأقران

وبحثنا هذا هو حلقةٌ مِن سلسلةِ بحوث مماثلة كتبتها وتناولت علم الرِّواية وأثرهُ في توثيق النُّصوصِ وضبطها1، وقد تناول جانباً من جوانبَ علم الرِّوايةِ والذي قد صَنَّفَ فيه العُلماءُ الكبارُ مُصَنَّفات لم نقف عليها في وقتنا الحاضر، وبقيت منهُ أبحاثٌ توزعتها كتب علم أصول الحديثِ المُختلفة، أو بعض الشُّروح الحديثية، وهذا النَّوع هو المُدَبَّجُ، ورواية الأقران.
إنَّ الدِّراسة الموضوعيَّة لهذا النَّوع من أنواعِ علوم الحديثِ، تظهر لنا أنَّ هذا النَّوعَ مِنَ المُصَنَّفاتِ هدفهُ إزالة النِّقاب عن الخطأ والوهم الذي قد يتطرَّقُ إلى الإسناد.
وإذا كان ابنُ عباسٍ رضي الله عنه قد حذَّرَ من قَبولِ جرح الأقران بعضهم لبعضٍ، وقال: استمعوا علم العُلماء ولا تصدقوا بعضهم على بعضٍ، فوالذي نفسي بيدهِ لهم أشدّ تغايراً من التّيوسِ في زروبتها2.
وقال الذَّهبيُّ: وكلامُ الأقرانِ بعضهم في بعضٍ لا يُعبأ به لا سيما إذا لاحَ أنَّهُ لعداوةٍ، أو لحسدٍ، ما ينجو منه إلاَّ مَن عصم اللَّهُ، وما علمتُ أنَّ عصراً مِنَ الأعصارِ سلمَ أهلهُ من ذلكَ سوى الأنبياء والصِّدِّيقينَ3.
__________
1 وهذهِ البُحوث هي:
أ- علم الأثبات ومعاجم الشُّيُوخِ والمَشْيَخَات، طبع بمعهد البحوث بجامعة أمّ القرى.
ب- المُسْتَخْرَجات نشأتُها وتطورها. بحث نشر بمجلة جامعة أم القرى.
ج- اختلاف الرِّوايات وأثره في توثيق النُّصوص وضبطها. بحث نشر بمجلة الدرعية.
د- البيان والتَّعريف بسرقة الحديث النَّبويِّ الشَّريف، بحث تحت الطبع.
2 جامع بيان العلم وفضله: 2/158.
3 ميزان الاعتدال: 1/111.

الصفحة 14