كتاب رعاية المصلحة والحكمة في تشريع نبي الرحمة (صلى الله عليه وسلم)
الْإِفْتَاء بقتل الزنديق1 المتستر: "فَهَذَا لَو قضينا بِهِ فحاصله اسْتِعْمَال مصلحَة فِي تَخْصِيص عُمُوم، وَذَلِكَ لَا يُنكره أحد"2وَقَالَ الطوفي فِي مُعَارضَة الْمصلحَة لدَلِيل شَرْعِي: "وَإِن خالفها دَلِيل شَرْعِي وُفق بَينهَا وَبَينه بِمَا ذكرنَا من تَخْصِيصه بهَا ... "3.
وَقَالَ الشاطبي نقلا عَن ابْن الْعَرَبِيّ: "فالعموم إِذا اسْتمرّ، وَالْقِيَاس إِذا اطرد، فَإِن مَالِكًا وَأَبا حنيفَة يريان تَخْصِيص الْعُمُوم بِأَيّ دَلِيل كَانَ من ظَاهر أَو معنى، ويستحسن مَالك أَن يُخص بِالْمَصْلَحَةِ ... "4.
وَإِذا تقرر هَذَا فَإِنَّهُ لَا يجوز القَوْل بِتَقْدِيم الْمصلحَة - مُطلقًا - على النَّص وَالْإِجْمَاع عِنْد معارضتها لَهما، كَمَا نَادَى بذلك نجم الدّين الطوفي بِدَعْوَى أَن رِعَايَة الْمصلحَة أقوى من الْإِجْمَاع، وَيلْزم من ذَلِك أَنَّهَا أقوى أَدِلَّة الشَّرْع، لِأَن الْأَقْوَى من الْأَقْوَى أقوى5.
__________
1 - كلمة فارسية. قَالَ ابْن مَنْظُور: "هُوَ الَّذِي لَا يُؤمن بِالآخِرَة ووحدانية الْخَالِق"، وَقَالَ ابْن نديم: "هُوَ الَّذِي يُؤمن بِوُجُود إِلَهَيْنِ، إِلَه النُّور وإله الظلمَة" وَفِي المعجم الفلسفي ص 278: "هُوَ الَّذِي ينْطق بعقائد أُخْرَى بِالْإِضَافَة إِلَى الْإِسْلَام".
2 - الْمُسْتَصْفى 1/ 298 - 299.
3 - الْمصلحَة فِي التشريع الإسلامي وَنجم الدّين الطوفي. نقلا من أصُول التشريع الإسلامي ص 180.
4 - الِاعْتِصَام 2 / 319.
5 - انْظُر الْمصلحَة فِي الشَّرِيعَة الإسلامية للدكتور مصطفى زيد ص 17 نقلا من ضوابط الْمصلحَة ص 206.
الصفحة 242