كتاب طرق التخريج بحسب الراوي الأعلى
الْمطلب الثَّالِث: معنى طرق التَّخْرِيج:
طرق التَّخْرِيج، هِيَ: سُبل الدّلَالَة على إِسْنَاد الحَدِيث، وَمَتنه، وموضعه فِي مصادره.
ويرتبط معنى الطّرق بمعاني التَّخْرِيج، وَلِهَذَا جَاءَ مَعْنَاهَا شَامِلًا، فَيدْخل فِيهَا: مسالك الْمُحدثين فِي الدّلَالَة على أَسَانِيد الْأَحَادِيث ومتونها، ومسالك الْوُصُول إِلَيْهَا فِي مؤلفاتهم الحديثية، وَالدّلَالَة على موضعهَا فِيهَا، والأخير من بَاب التَّوَسُّع فِي التَّعْبِير، حَيْثُ يُسَمَّى الشَّيْء باسم مَا قرب مِنْهُ، وَهَذَا مَعْرُوف فِي أصل اللُّغَة، وَله نَظَائِر، مثل إِطْلَاق الراوية على المزادة، وعَلى الْبَعِير الَّذِي يحملهَا، قَالَ ابْن سَيّده: "الراوية: المزادة فِيهَا المَاء، ويُسمَّى الْبَعِير راوية على تَسْمِيَة الشَّيْء باسم غَيره لقُرْبه مِنْهُ"1.
__________
1 - لِسَان الْعَرَب لِابْنِ مَنْظُور، مَادَّة: روى، 14/346.
الْمطلب الرَّابِع: طرق التَّخْرِيج إِجْمَالا:
تستنبط طرق التَّخْرِيج من مناهج تَرْتِيب المصادر الحديثية، حَيْثُ تَنْحَصِر فِي مسلكين أساسين:
أَحدهمَا: التَّخْرِيج من طَرِيق الْإِسْنَاد، وَهَذَا الْبَحْث يتَعَلَّق بِبَعْض فروعه.
وَالْآخر: التَّخْرِيج من طَرِيق الْمَتْن.
وتندرج تحتهما جَمِيع طرق التَّخْرِيج التفصيلية، وَقد جَاءَت الْإِشَارَة إِلَى أصُول مناهج تَرْتِيب المصادر الحديثية فِي كَلَام أهل الحَدِيث، حَيْثُ يَقُول الإِمَام أَبُو بكر: أَحْمد ابْن عَليّ بن ثَابت الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ - ت463هـ -: "من الْعلمَاء من يخْتَار تصنيف السّنَن وتخريجها على الْأَحْكَام وَطَرِيقَة الْفِقْه، وَمِنْهُم من يخْتَار تخريجها على الْمسند، وَضم أَحَادِيث كل وَاحِد من الصَّحَابَة بَعْضهَا إِلَى بعض"2، وَيَقُول الْحَافِظ: أَبُو عَمْرو: عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن الشَهْرَزوري الْمَشْهُور بِابْن الصّلاح - ت 643هـ -: "وللعلماء بِالْحَدِيثِ فِي تصنيفه طريقتان: إِحْدَاهمَا: التصنيف على الْأَبْوَاب، وَهُوَ: تَخْرِيجه على أَحْكَام الْفِقْه وَغَيرهَا، وتنويعه أنواعاً، وَجمع مَا ورد فِي كل حكم وكل نوع فِي بَاب فباب، وَالثَّانيَِة: تصنيفه على المسانيد وَجمع حَدِيث كل صَحَابِيّ وَحده، وَإِن اخْتلفت أَنْوَاعه"3.
__________
2 - الْجَامِع لأخلاق الرَّاوِي وآداب السَّامع 2/284.
3 - عُلُوم الحَدِيث 253.
الصفحة 99
496