كتاب تسبيح الله ذاته العلية في آيات كتابه السنية

- وأمّا بالنظر إلى مجمل ما حوته السورة فإنّه لمّا ذكر الله تعالى فيها كثيراً من أقوال المشركين الشنيعة التي وصفوا الله تعالى بها -ومنها وصفهم له بالولد- نزه الله نفسه الكريمة عنها وعن كل ما لا يليق به سبحانهi.
ثانياً: بيان آية التسبيح:
- تعدّ هذه الآية الوحيدة في القرآن الكريم التي اقترن فيها تسبيح الله ذاته العليّة بخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} .
- ووصفه تعالى بـ {رَبِّ الْعِزَّةِ} في مقام تنزيه ذاته الشريفة مبالغة وتأكيد للتنزيه. فمعنى ربّ العزة أي مالكها، والمنفرد بالعزة الحقيقية التي لا يشوبها افتقار ولا نقص. وبالتالي فهي تشير إلى توصيفه بجميع صفات الكمال النفسية والمعنوية وهو الذي عزّ فقهر كلّ شيء واعتزّ عن كل سوء يصفونه بهii.
ثالثاً: بيان وجه اقتران آية التسبيح بما بعدها.
- لمّا نزه الله ذاته عما لا يليق به ممّا يصفه المشركون أثنى على عباده وملائكته المرسلين بسلام منه -تعالى- عليهم في الدنيا والآخرة وذلك لسلامتهم من الذنوب والآفات وسلامة ما وصفوا به ربّ العزّة والجلال.
وتنكير (سلام) للتعظيم والتفخيم، وفيه إشارة إلى الثناء على كلّ من تبع المرسلين سلامة من الذنوب وقياماً بتنزيه الله تعالى حقّ التنزيهiii.
- ولمّا كان التسبيح -أيضاً- يتضمّن التنزيه والتبرئة من النقص بدلالة المطابقة ويستلزم إثبات الكمال، كما أنّ الحمد يدلّ على إثبات صفات
__________
i انظر: غرائب القرآن ورغائب الفرقان للنيسابوري ج23 ص72؛ تفسير السعدي ج6 ص404.
ii انظر: التفسير الكبير للفخر الرازي ج26 ص173؛ تفسير السعدي ج6 ص404؛ التحرير والتنوير لابن عاشور ج23 ص199.
iii انظر: تفسير السعدي ج6 ص405.

الصفحة 101