كتاب تسبيح الله ذاته العلية في آيات كتابه السنية

المبحث الثاني
في آية سورة يونس (عليه السلام) :
قال الله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} 1.
مطلب: في بيان ما قبل التسبيح:
- في هذه الآية الكريمة يبيّن الله عزّ وجلّ - حال المشركين في عبادة غيره وافترائهم عليه، وينكر من بعد عليهم ذلك؛ ويبطل دعواهم بالحجة والبرهان، فتفنيد الدعاوى الباطلة والردّ عليها هو أسلوب قرآني فريد غايته بيان الحق وردّ الناس إليه وتثبيت القائمين عليه؛ ودحض الباطل ونقض عراه وصدّ الناس عنه.
- وتبتدئ هذه الآية الكريمة التي ينزه الله تعالى ذاته العلية في خاتمتها بمقدِّمة وتمهيد معطوفة بالواو على ما قبلها من قوله عزّ وجلّ عن المشركين: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ} الآية2 وذلك لما فيها من حكاية جناية أخرى من جناياتهم نشأت عنها جنايتهم الأولى3.
__________
1 سورة يونس عليه السلام: الآية (18) . وقرأ حمزة والكسائي وخلف بالخطاب في (عما يشركون) . وقرأ الباقون بالغيبة (عما يشركون. انظر النشر في القراءات العشر لابن الجزري ج2ص282.
2 سورة يونس: الآية (15) .
3 انظر: تفسير أبي السعود ج4 ص131؛ فتح القدير للشوكاني: ج2 ص449؛ التحرير والتنوير لابن عاشور ج11 ص125.

الصفحة 26