كتاب تسبيح الله ذاته العلية في آيات كتابه السنية

- ثمّ إنّ قوله تعالى: {كَمَا يَقُولُونَ} جملة معترضة، ويراد منها التنبيه والإشارة إلى أنّ تعدّد الآلهة لا تحقّق له وإنّما هو مجرد قول لا أساس له من الصّحة والواقع1.
- ويأتي من بعدُ الجوابُ على ما افترض وجوده بقوله: {إِذاً لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً} ، فـ (إذاً) تدلّ على الجواب والجزاء وتؤكّد معناهما الذي دلّت عليه اللام المقترنة بجواب (لو) الامتناعية الدالّة على امتناع حصول جوابها لأجل امتناع وقوع شرطها. وبهذه الإجابة يكون الاستدلال على انتفاء إلهية الأصنام والملائكة الذين جعلوهم آلهةمع الله تعالى2.
وهذا الاستدلال يحتمل معنيين ذكرهما المفسرون، وما دام أنّ كليهما يؤديان إلى غاية الاستدلال، فلا مانع من إبانتهما زيادة في الحجة والبرهان وهما على ما يلي:
المعنى الأول: وهو الذي ذهب إليه عمدة المفسرين ابن جرير الطبري3 وتبعه فيه ابن كثير4 (رحمهما الله) وحاصله أنّه لو كان الأمر كما يزعمون من
__________
1 انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج15 ص110.
2 انظر: التحرير والتنوير لابن عاشور ج15 ص110_111.
3 هو محمد بن جرير بن يزيد الطبري، أبو جعفر: المؤرخ المفسر الإمام، ولد في آمل طبرستان عام 224هـ واستوطن بغداد وتوفي بها عام 310هـ، عرض عليه القضاء فامتنع والمظالم فأبى، من أشهر مؤلفاته: أخبار الرسل والملوك، جامع البيان في تفسير القرآن، اختلاف الفقهاء (انظر: تذكرة الحفاظ للذهبي ج2 ص351؛ البداية والنهاية لابن كثير ج11ص156-158؛ لسان الميزان لابن حجر ج5 ص100-103؛ سير أعلام النبلاء للذهبي ج14 ص267 –282؛ الأعلام للزركلي ج6 ص69) .
4 هو إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوّ بن درع القرشي البصروي ثمّ الدمشقي، أبو الفداء، عماد الدين: حافظ مؤرخ ومفسر وفقيه. ولد في قرية من أعمال بصرى الشام عام 701هـ، وانتقل مع أخ له إلى دمشق عام 706 هـ، ورحل في طلب العلم وتوفي في دمشق عام 774هـ. من أشهر مؤلفاته: البداية والنهاية، تفسير القرآن العظيم، الباعث الحثيث إلى معرفة علوم الحديث، الفصول في اختصار سيرة الرسول. (انظر: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامن لابن حجر ج1 ص371؛ النجوم الزاهرة لابن تغري بردي ج9 ص292؛ طبقات الشافعية للسبكي ج6 ص84؛ الأعلام للزركلي ج1 ص320) .

الصفحة 32