كتاب حركة حروف المضارعة

فالمعروف أنَّ أبواب الماضي الثّلاثي المجرّد ثلاثة: فَعَل وفعِل وفعُل وهذا التَّقسيم ناتج من تغيّر حركة العين، ذلك أنَّ الفعل ـ كما ترى ـ ثلاثة أحرف. فالأوَّل منها متحرّك دائمًا إذ لايُبْدَأ بساكن [وحركته الفتحة] واختيرت من بين الحركات لخفَّتِها، وآخره مبنيٌّ على الفتح لفظًا أو تقديرًا، ولم يكن ساكنًا؛ لأنَّه يتَّصل به الضَّمائر، وبعضها ملازم للسُّكون كواو الجماعة، وألف الاثنين. والعين لا تكون إلاَّ متحرّكة لئلاَّ يلزم التقاء السَّاكنين إذا سكن آخر الفعل لاتِّصاله بضمير رفع متحرِّك. والحركات ثلاث: فتحة وكسرة وضمَّة؛ لذلك انحصرت أوزانه في هذه الصِّيغ الثَّلاث 1.
أمَّا الرُّباعي المجرَّد فله وزن واحد هو فَعْلَل نحو: دحرج لأن الرُّباعي أثقل من الثُّلاثي، فوجب أن يكون فيه سكون ليُخَفِّفَ ثقَله؛ ولأنَّه لو كانت حروفه كلُّها متحرِّكة كالثُّلاثي لزم اجتماع أربعة متحرِّكات متوالية في الكلمة الواحدة، وهذا مما رفض في كلام العرب للاستثقال.
وأما اللغويون فكان من جملة الأحكام التي يطالعها دارس العربيَّة في دراساتهم حركة حرف المضارعة، فاشتُهِر أنَّ حكمها دائر بين حالتين:
الأولى: حالة الفتح، وذلك إذا كان ماضي الفعل ثلاثيًّا أو خماسيًّا أو سداسيًّا.
والأخرى: حالة الضَّم، وتختصّ بما كان ماضيه على أربعة أحرف.
ولا يذكر مع هاتين الحالتين حالة ثالثة. ولكنَّا نجد في كتاب سيبويه مبحثًا مستقلاًّ عنوانه كسر حروف المضارعة2 وذلك يشعر بخروج هذه الحالة عن القاعدة العامَّة، ذلك أنَّ النُّحاة بنوا قواعدهم على ما اطَّرد من قواعد
__________
1 المغني في تصريف الأفعال ص 98.
2 انظر الكتاب: 4/110.

الصفحة 453