كتاب تسبيح الله ذاته العلية في آيات كتابه السنية
مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} 1 يعني الوليد بن المغيرة أو عروة بن مسعود الثقفي. أخبر الله تعالى أنّه لا يبعث الرسل باختيارهم لأنّه المالك المطلق وله أن يخصّ ما يشاء بما يشاء لا اعتراض عليه البتة2".
أقول: ولعلّ سياق هذه الآيات الكريمة يؤيد ماذهب إليه أهل التفسير من أنّ الآية نزلت في شأن إرسال الرسل واختيارهم فإنّه قد قال تعالى قبلها في شأن المشركين: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ. فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَسَاءَلُونَ} 3 وبعد هاتين الآيتين جيء بالاعتراض في قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} 4 وهذه الآية التي نحن بصددها من تمام الاعتراض ووجه عطفها أنّ الله بيّن قبلها بأنّ الأمر موكلٌ إليه بحكمته في خلق قلوب قابلة للهداية وقلوب قاسية صمّاء، وهو الذي يختار من بين مخلوقاته لما يشاء ممّا يصلح له جنس ما من شأنه الاختيار، ومن ذلك اختياره للرسالة من يشاء إرساله وهذا في معنى قوله تعالى: { ... اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ... } الآية5. وأن ليس ذلك لاختيار الناس ورغباتهم.
__________
1 سورة الزخرف: الآية (31) .
2 تفسير الخازن: ج5 ص180؛ وفي لباب النقول للسيوطي حول نزول هذه الآية الكريمة عن قتادة قال الوليد بن المغيرة: لو كان ما يقول محمد حقاً أنزل عليّ هذا القرآن أو على مسعود الثقفي. فنزلت الآية (لباب النقول في أسباب النزول ص188) .
3 سورة القصص: الآيات (65_66) .
4 سورة القصص: الآية (67) .
5 سورة الأنعام: الآية (0124) .
الصفحة 46
490