كتاب حركة حروف المضارعة

أما الفتح في هذا الفعل فنسب إلى بني أسد، نسبه إليهم ابنُ منظور والفيوميُّ وخالدُ الأزهريُّ، وذكر أنَّه مَحْكِيُّ عن أسدٍ خاصَّةً، وكذا البغدادي1 ولغة أسدٍ هي القياس. وبهذا تكون بنو أسد قد خالفت المشهور عنها في هذا الفعل خاصَّة دون غيره، وهذا مراد ابن هشام بالعكس في قوله: "وكسر همزة إخال فصيح استعمالاً شاذُّ قياسًا، وفتحُها لغةُ أسدٍ وهو بالعكس"2 أي بعكس ما اشتهر عنها في كسر حروف المضارعة من غير هذا الفعل.
وقد شكَّ الدُّكتور أحمد الجندي في هذا، ولم يرتض الفتحَ من بني أسد في إخال لأنَّ بني أسد من القبائل التي اشتهر عنها كسر حروف المضارعة، ونسب إلى ابن فارس خلطًا في هذه المسألة إذ ذكر أنَّه نسب إلى أسد فتح النُّون من {نَسْتَعِينُ} وفي موضع آخر نسب إليهم الكسر في مثل تعلمون3 ومن ثمَّ رجَّح أن أسد مصحفة من الأزد. وتابعته في ذلك صالحة آل غنيم4.
وعند تأمّل ما نقله الدُّكتور الجندي يتَّضح أنَّ ابن فارس لم يخلط، ولم يخلط غيره من الرُّواة، وإنَّما نقل عن الفرَّاء أنَّ النون من {نستعين} مفتوحة في لغة قريشٍ، وأسدٌ وغيرهم يقولونها بكسر النُّون. فجعل الجندي أسدًا معطوفة على قريش والحق غير ذلك. وبهذا يعلم أنَّ بني أسد خالفت المشهور عنها في هذا الفعل خاصَّة ففتحت، والتَّصحيف الذي ذكره الدّكتور الجندي مستبعد؛ لأنَّ الرّواة قالوا بنو أسد ثمّ إنَّ الأزد لغاتهم مختلفة باختلاف قبائلهم، إذ بعضها لايحتج بلغاتهم كالغساسنة وأزد شنوءة.
__________
1 اللسان والمصباح المنير (خيل) وشرح التَّصريح على التَّوضيح 1/258. والخزانة 4/11.
2 شرح قصيدة (بانت سعاد) ص 170.
3 اللهجات العربية في التراث 1 / 391، 392.
4 اللهجات في الكتاب 159.

الصفحة 474