كتاب حركة حروف المضارعة

ولم يذكر العلماء الأقدمون غير هذا الفعل إلى أن جاء اللبلي فذكر فعلاً آخر معه، هو اِحب يقول مشيراً إلى الفعل أبي: " هذا الحرف استثناه النحويون من الباب فقط، ولم أر أحداً استثنى شيئاً سواه، مع طول بحثي عن ذلك، ووجدت أنا آخر، وهو: حَبَبت الرجل إِحبُّهُ ـ بكسر الهمزة ـ حكاه الإمام أبو عبد الله محمد بن أبان بن سَيِّد القرطبيُّ في كتابه المسمى بالسماء والعالم"1.
ومن الأشياء الشَّاذَّة أفعال ورد فيها كسر حرف المضارعة وليست منطبقة عليها قواعد الكسر مثل: تِذْهب، تلحن، وإضرب.
فالمشهور أنَّ مثل هذه الأفعال لايكسر فيها حرف المضارعة مطلقًا، نصَّ على ذلك سيبويه فقال: "ولايكسر في هذا الباب شيءٌ كان ثانيه مفتوحًا، نحو ضرب، وذهب وأشباههما "2.
إلاَّ أنَّ الكسائي حكى أنَّه سمع بعض بني دُبَيْرٍ يقول: أنت تِلحن وتِذهب3.
وهذا شيءٌ مخالف لما نقله العلماء من قواعد، فلا يتعدى به محلّه.
وحكى اللحياني عن الكسائي أن ذلك في التاء والنون والألف من كل فعلٍ كان على يفعَل بفتح الماضي والمستقبل معاً وأنشد:
ذروني إذهبْ في البلاد وريقتي تسوغ وحلقي لين ولساني
لكسر الهمزة في إذهب4.
ويأتي من هذا الشذوذ نفرغ في قراءة عيسى الثقفي5 {سنفرغ
__________
1 بغية الآمال ص151.
2 الكتاب 4 / 110.
3 انظر ارتشاف الضرب 1 / 88، 89 وبغية الأمال ص152.
4 انظر بغية الأمال ص152.
5 أحد أئمة القراءة والعربية – توفي سنة 149هـ. إنباه الرواة 2/374.

الصفحة 480