كتاب الآثار السيئة للوضع في الحديث

وقد تواترت الأخبار من التابعين على هذا الحكم, فهذا يحي بن معين (ت 233) لما ذكر له حديث "من عشق وعف وكتم فمات مات شهيداً"1 وهو من رواية سويد الأنباري, قال: لو كان لي فرس ورمح غزوت سويداً 2 وقال الشعبي (ت 104) وهو يخاطب كاذبين: "لو كان لي عليكم سبيل ولم أجد إلا تبراً لسبكته ثم غللتكما به"3.
توبة الواضع وحكم روايته بعدها:
لا خلاف بين العلماء أن توبة الواضع مقبولة, فمن تاب تاب الله عليه {وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً} 4 ولكن مع قبول توبته هل تقبل روايته أم لا؟ يرى الإمام أحمد (ت 241) وأبوبكر الحميدي (ت 219) شيخ البخاري وغيرهم أنه لا تقبل روايته أبدا, قال أبو بكر الصيرفي (ت 466) : "كل من أسقطنا خبره من أهل النقل بكذب وجدناه عليه لم نعد لقبوله بتوبة تظهر"5, واختار النووي (ت 676) القطع بصحة توبته وقبول روايته كشهادته، وحاله كحال الكافر إذا أسلم6.
وذهب أبو المظفر السمعاني (ت 489) إلى أن من كذب في خبر واحد وجب إسقاط ما تقدم من روايته7.
__________
1 الميزان ج2 ص 250.
2 أنظر المجروحين ج3 ص 352.
3 الكامل لأبن عدي ج3 ص 948.
4 سورة الفرقان آية 7.
5 صحيح مسلم بشرح النووي ج1 ص 69.
6 صحيح مسلم بشرح النووي ج1 ص70.
7 نفس المصدر السابق ج1 ص 70.

الصفحة 120