كتاب قول الفلاسفة اليونان الوثنيين في توحيد الربوبية

وَهُوَ وَاحِد فِي ربوبيته، لَا خَالق مَعَه وَلَا متصرف وَلَا مُدبر لشَيْء فِي هَذَا الْكَوْن غَيره، إِنَّمَا الْكَوْن كُله خلقا وتدبيراً وتصرفاً بِيَدِهِ سُبْحَانَهُ.
وَوَاحِد فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاته لَا مثيل لَهُ سُبْحَانَهُ.
وَوَاحِد سُبْحَانَهُ فِي عِبَادَته لَا شريك لَهُ فِي الْعِبَادَة لَا أَوْلِيَاء وَلَا وسطاء، وَإِنَّمَا الْعِبَادَة لَهُ وَحده لَا شريك لَهُ.
ونشير هُنَا إِلَى أَن السّلف رَحِمهم الله لَهُم مَنْهَج وَاضح فِي الِاسْتِدْلَال على التَّوْحِيد وَسَائِر مسَائِل العقيدة وتقريرها، وَيُمكن استخلاص هَذَا الْمنْهَج من كَلَام الْآجُرِيّ1 رَحمَه الله؛ حَيْثُ قَالَ فِي كِتَابه الشَّرِيعَة: "بَاب الْحَث على التَّمَسُّك بِكِتَاب الله تَعَالَى وَسنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَسنة أَصْحَابه رَضِي الله عَنْهُم وَترك الْبدع وَترك النّظر والجدال فِيمَا يُخَالف فِيهِ الْكتاب وَالسّنة وَقَول الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم "2.
وَمثله قَالَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية3 رَحمَه الله: "ثمَّ من طَريقَة أهل السّنة وَالْجَمَاعَة اتِّبَاع آثَار الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَاطِنا وظاهرا، وَاتِّبَاع سَبِيل السَّابِقين الْأَوَّلين من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَاتِّبَاع وَصِيَّة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ قَالَ: "عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين من بعدِي تمسكوا بهَا وعضوا عَلَيْهَا بالنواجذ وَإِيَّاكُم ومحدثات الْأُمُور فَإِن كل بِدعَة ضَلَالَة" 4.
__________
1 الْآجُرِيّ مُحَمَّد بن عبد الله، فَقِيه شَافِعِيّ مُحدث، نسبته إِلَى آجر من قرى بَغْدَاد،صَاحب سنة وَاتِّبَاع. توفّي سنة 360?. انْظُر: سير إِعْلَام النبلاء 16/133-136.
2 الشَّرِيعَة (1/170) .
3 أَحْمد بن عبد الْحَلِيم، شيخ الْإِسْلَام الشهير بِابْن تَيْمِية، ألف فِي أَكثر الْعُلُوم التآليف العديدة، وصنف التصانيف المفيدة فِي التَّفْسِير وَالْفِقْه وَالْأُصُول والْحَدِيث وَالْكَلَام، وتصدى للرَّدّ على الْفرق الضَّالة والمبتدعة، لم يسْبق إِلَى مثل تأليفه وشهرته، توفّي سنة 728?. انْظُر: مُخْتَصر طَبَقَات الْحَنَابِلَة ص 61.
4 أخرجه أَبُو دَاوُد فِي السّنة 4/201.بَاب فِي لُزُوم السّنة.

الصفحة 183