كتاب قول الفلاسفة اليونان الوثنيين في توحيد الربوبية

ويعلمون أَن أصدق الْكَلَام كَلَام الله، وَخير الْهَدْي هدي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ويؤثرون كَلَام الله على غَيره من كَلَام أَصْنَاف النَّاس، ويقدمون هدي مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على هدي كل أحد"1.
وَمن خلال ذَلِك نستطيع أَن نستخلص أَن مَنْهَج السّلف فِي الِاسْتِدْلَال على التَّوْحِيد يقوم على أَربع قَوَاعِد هِيَ:
1- الِاعْتِمَاد على الْكتاب وَالسّنة فِي أصُول الْمسَائِل وتفريعاتها.
2- اتِّبَاع سلف الْأمة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمن تَبِعَهُمْ بِإِحْسَان.
3- عدم عرض شَيْء من ذَلِك على الآراء والأهواء.
4- الحذر من الْبدع وَأَهْلهَا.
فَهَذِهِ الْقَوَاعِد هِيَ عمدتهم فِي تَقْرِير كل مَا يتَعَلَّق بتوحيد الله تَعَالَى، بل وَجَمِيع مسَائِل العقيدة والأمور الشَّرْعِيَّة, وكل من نظر فِي كتبهمْ المصنفة فِي هَذَا الْبَاب فَإِنَّهُ يجد الِالْتِزَام الْوَاضِح بِهَذِهِ الْقَوَاعِد وتطبيقها فِي جليل الْمسَائِل ودقيقها.
مَبْحَث فِي أَنْوَاع التَّوْحِيد الْوَاجِب لله عز وَجل عِنْد السّلف
التَّوْحِيد هُوَ رَأس دَعْوَة الرُّسُل وَغَايَة جهادهم وتبليغهم من لدن آدم عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى آخِرهم نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَيَكْفِي فِي الدّلَالَة على ذَلِك قَوْله عز وَجل {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} النَّحْل (36) .
وَقَالَ عز وَجل {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} الْأَنْبِيَاء (25) .
وَقد ذكر الله عز وَجل عَن سَائِر أنبيائه دعوتهم إِلَى التَّوْحِيد والتركيز عَلَيْهِ فَهُوَ
__________
1 العقيدة الواسطية (ص 28) .

الصفحة 184