كتاب قول الفلاسفة اليونان الوثنيين في توحيد الربوبية

الْبِدَايَة وَهُوَ الْغَايَة.
وَهَذَا التَّوْحِيد الَّذِي دَعَا إِلَيْهِ الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وحققوه فِي أنفسهم وطلبوا من النَّاس تَحْقِيقه هُوَ تَوْحِيد الله بِالْعبَادَة، وَهُوَ وَإِن كَانَ أحد أَنْوَاع التَّوْحِيد كَمَا سيتبين إِلَّا أَنه أهمها وَأَعْظَمهَا،وَالْإِقْرَار بِهِ مُتَضَمّن للإقرار بِمَا سواهُ والانحراف عَنهُ هُوَ ديدن بني آدم من الْمُشْركين وَالْكفَّار، لهَذَا كَانَ الاعتناء بِهِ والبداءة بتحقيقه أَولا قبل أَي مطلب آخر هُوَ مَنْهَج الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام.
وكما هُوَ ظَاهر فَإِن من أقرّ لله عز وَجل بالألوهية وَعَبده دون غَيره، فَإِن ذَلِك مُتَضَمّن للإقرار لَهُ بالأسماء وَالصِّفَات والربوبية كَمَا سنبين.
وَقد خلف الصالحون من كل أمة أَنْبيَاء الله عز وَجل فِي الاسْتقَامَة على منهجهم وَدينهمْ وطريقتهم، وَخلف نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سلف هَذِه الْأمة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، وَمن تَبِعَهُمْ بِإِحْسَان إِلَى يَوْم الدّين فِي الْإِقْرَار لله بِالتَّوْحِيدِ.
وَهَذَا التَّوْحِيد على مَذْهَب السّلف ثَلَاثَة أَنْوَاع هِيَ: تَوْحِيد الربوبية، وتوحيد الْأَسْمَاء وَالصِّفَات، وتوحيد الألوهية.
أَولا: تَوْحِيد الربوبية:
مَعْنَاهُ، الْإِقْرَار بِأَن الله عز وَجل هُوَ الْخَالِق الرازق المحي المميت الْمُدبر لشؤون هَذَا الْكَوْن، والمتصرف فِيهِ وَحده، لَيْسَ لَهُ فِي ذَلِك ظهير وَلَا معِين وَلَا شريك وَلَا مثيل.
وَيُصَرح السّلف بِأَن هَذَا النَّوْع من التَّوْحِيد أدلته أَكثر من أَن تحصى أَو تستقصى. وَمن أهم هَذِه الْأَدِلَّة وأظهرها: الْفطْرَة.
وَالْمرَاد بالفطرة لُغَة: الْخلقَة 1.
__________
اللِّسَان 5/3433.

الصفحة 185