كتاب قول الفلاسفة اليونان الوثنيين في توحيد الربوبية
وَهَذَا الْإِقْرَار والاضطرار مُهِمّ غَايَة الأهمية، بل هُوَ من رَحْمَة الله عز وَجل بعبيده وخلقه، لِأَنَّهُ يَنْبَنِي عَلَيْهِ عبَادَة الله عز وَجل، الَّتِي هِيَ الْغَايَة من خلق الْإِنْسَان، وَهُوَ سَبِيل نجاته، إِذْ لَا نجاة للْعَبد بِدُونِ إخلاص الْعِبَادَة لَهُ عز وَجل، فَلهَذَا جعل الدَّلِيل على اسْتِحْقَاقه لِلْعِبَادَةِ وَحده دون سواهُ كَونه سُبْحَانَهُ هُوَ الْخَالِق الرازق الْمَالِك، الْمُتَصَرف وَحده دون سواهُ، وَذَلِكَ كُله من رَحْمَة الله ولطفه بعباده.
لهَذَا كثر فِي الْقُرْآن ربط الألوهية بالربوبية، وَوُجُوب عبَادَة الله وَحده، استناداً على وحدانيته فِي ربوبيته جلّ وَعلا،وَمن ذَلِك قولهعز وَجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} الْبَقَرَة (21-22) .
وَقَالَ {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} الْأَنْعَام (102) .
وَقَالَ جلّ وَعلا {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} النَّمْل (60) .
إِلَى غير ذَلِك من الْآيَات الدَّالَّة على ربوبية الله عز وَجل، وَالَّتِي أَقَامَ الله عز وَجل بهَا الْحجَّة على الْمُشْركين، الَّذين يقرونَ بربوبيته سُبْحَانَهُ، وَيُنْكِرُونَ وحدانيته فِي الْعِبَادَة، ويعبدون مَعَه سواهُ.
* ثَانِيًا: تَوْحِيد الْأَسْمَاء وَالصِّفَات:
هُوَ اعْتِقَاد أَن الله تَعَالَى لَهُ الْأَسْمَاء الْحسنى، وَله الصِّفَات العلى الْكَامِلَة، الَّتِي لَا يماثله فِيهَا أحد.
الصفحة 189
506