كتاب قول الفلاسفة اليونان الوثنيين في توحيد الربوبية

الْقَاعِدَة الأولى: (الْإِيمَان بِكُل مَا ورد فِي الْكتاب وَالسّنة من صِفَات الله عز وَجل نفيا وإثباتاً) .
قد دلّت الْأَدِلَّة الْكَثِيرَة على وجوب الِالْتِزَام وَالْأَخْذ بِكُل مَا ورد فِي الْكتاب وَالسّنة فِي هَذَا الْبَاب وَغَيره من أَبْوَاب التَّوْحِيد وَالدّين وَمن هَذِه الْأَدِلَّة الْعَامَّة:
قَوْله تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} الْحَشْر (7) ، وَقَوله عز وَجل {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} الْأَعْرَاف (3) وَقَالَ عز وَجل {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} الْأَنْعَام (151) ، وَقَالَ تَعَالَى {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} النِّسَاء (59) .
فَهَذِهِ الْآيَات دَالَّة بعمومها على وجوب الْتِزَام وَأخذ كل مَا ورد فِي الْكتاب وَالسّنة، وَمن ضمن ذَلِك مَا يتَعَلَّق بِصِفَات الله تَعَالَى وأفعاله، بل إِن هَذَا الْأَمر لَيْسَ لَهُ طَرِيق إِلَّا الْوَحْي، لِأَن الله عز وَجل غيب عَنَّا فَلم نره وَلم نر شَبِيها لَهُ، فَلَيْسَ أمامنا لمعرفته إِلَّا الْخَبَر، وَلَيْسَ أعلم من الله تَعَالَى وَلَا أصدق مِنْهُ جلّ وَعلا، كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} الْبَقَرَة (231) {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً} كَمَا لَا أحد أعلم بِاللَّه تَعَالَى من رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد أُوتِيَ جَوَامِع الْكَلم، وَهُوَ الَّذِي لَا ينْطق عَن الْهوى إِن هُوَ إِلَّا وَحي يُوحى، كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} النَّجْم (53_54)
فمعرفة الله تَعَالَى الْمعرفَة الصَّحِيحَة لَا يُمكن أَن يتَوَصَّل إِلَيْهَا إِلَّا من خلال الْوَحْي، وَمَا عدا ذَلِك إِنَّمَا هُوَ من بَاب الْخرص والتخمين.
وَلَا بُد أَن نشِير هُنَا إِلَى أَن إِثْبَات صِفَات الله تَعَالَى وفْق نُصُوص الشَّرْع

الصفحة 193