كتاب قول الفلاسفة اليونان الوثنيين في توحيد الربوبية

إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} الْإِسْرَاء (44) وَقَالَ {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ... } الْحَج (18) ،كَمَا أَنه أول دَعْوَة الرُّسُل، وَلَا يَصح بِدُونِهِ عمل، وَلَا يرفع بِغَيْرِهِ إِلَى الله عبَادَة.
وَقد توافرت الْآيَات القرآنية الْكَثِيرَة الدَّالَّة عَلَيْهِ، والمصرحة بِهِ، والمؤكدة لَهُ بِمَا لَا يسوغ بِحَال من الْأَحْوَال تجاهله أَو تجاوزه إِلَى غَيره، بل إِن دَعْوَة الْأَنْبِيَاء عُمُوما تصب فِي قالبه، وكما قيل هُوَ الْألف وَالْيَاء، وَهُوَ الْبِدَايَة وَالنِّهَايَة، وَهُوَ الرَّأْس والجسد، فَلَا دين إِلَّا بِهِ، وَلَا فلاح إِلَّا بإخلاصه، وَلَا نجاح إِلَّا بتحقيقه، وَهُوَ معنى شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَمَا خلقت الْجنَّة إِلَّا لأَهله، وَلَا خلقت النَّار إِلَّا لمنكريه والمنحرفين عَنهُ، بل لم يخلق الْخلق إِلَّا لتحقيقه وَالْقِيَام بِهِ، وَإِلَّا فَإِن الله عز وَجل غَنِي حميد عَزِيز مجيد.
وَهُوَ أول أَمر فِي تَرْتِيب الْمُصحف الْكَرِيم، قَالَ جلّ وَعلا فِي سُورَة الْبَقَرَة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} الْبَقَرَة (21) وَهُوَ الْإِقْرَار الَّذِي يقر بِهِ الْمُسلم، ويعلنه فِي الْيَوْم سبع عشرَة مرّة فرضا فِي صلَاته، وَذَلِكَ بقوله عز وَجل فِي سُورَة الْفَاتِحَة {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} والآيات الدَّالَّة عَلَيْهِ كَثِيرَة جدا مِنْهَا:
قَوْله عز وَجل {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} النِّسَاء (36) .
وَقَوله {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} يُونُس (3) وَقَالَ {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} يُوسُف (40) .
وَقَالَ {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} طه (14) .

الصفحة 200